و قد يقال بأنه يعارضهما مرسل الكليني حيث قال: و في رواية أُخرى«يحرم من الشجرة ثمّ يأخذ أي طريق شاء»{1}.
و خبر إبراهيم بن عبد الحميد المتقدِّم«عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة
البرد و كثرة الأيّام يعني الإحرام من الشجرة و أرادوا أن يأخذوا منها إلى
ذات عرق فيحرموا منها، فقال: لا، و هو مغضب، من دخل المدينة فليس له أن
يحرم إلّا من المدينة»{2}.
و أُجيب بضعفهما سنداً و هجرهما عند الأصحاب، و لكن قد عرفت أن خبر إبراهيم
معتبر، لأنّ جعفر بن محمّد بن حكيم المذكور في السند و إن لم يوثق في كتب
الرجال و لكنّه ثقة، لأنّه من رجال كامل الزيارات.
و الصحيح أن يقال: إنّه لا معارضة في البين، لأنّ مفاد خبر إبراهيم بن عبد
الحميد هو المنع عن العدول من الشجرة إلى غيرها، و أمّا إذا أحرم من
المحاذاة رأساً فلا يشمله المنع.
و بالجملة: لا ينبغي الريب في دلالة صحيحة ابن سنان على كفاية المحاذاة في الجملة، و لا معارض في البين.
إنّما الكلام في جهات: الاُولى: التعدّي عن مورد الصحيحة و هو محاذاة مسجد الشجرة إلى محاذاة غيره من المواقيت.
الثانية: هل يختص الحكم بكفاية المحاذاة بالإقامة في المدينة شهراً كما جاء
ذلك في الرواية؟ الثالثة: هل يختص الحكم بمن يريد الحج في مدّة الإقامة في
المدينة أو يشمل من لم يكن قاصداً للحج ثمّ بدا له؟ و بتعبير آخر: قد
اشتملت الصحيحة على قيود متعددة فهل يقتصر عليها أم