يتعدّى
عنها؟ و الظاهر هو الاقتصار على مورد الصحيحة لأنّ الحكم على خلاف القاعدة،
و لا يمكن إلغاء هذه القيود، لأنّ جميع هذه القيود و الخصوصيات مأخوذة في
كلام الإمام(عليه السلام)على نحو القضية الحقيقية الشرطية، و حملها على
مجرد المثال بعيد جدّاً و لذا اقتصرنا في المناسك على مورد النص.
ثمّ إنّ ظاهر الصحيحة الثانية لزوم الإحرام في خصوص مسيرة ستة أميال، و
مقتضاه أنه إذا بلغ السير إلى سبعة أميال أو أكثر لا يجوز له الإحرام و لو
كان محاذياً، كما إذا سار سبعة أميال بالخط غير المستقيم، لأنّ المتفاهم من
قوله: «فإذا كان حذاء الشجرة و البيداء مسيرة ستة أميال فليحرم منها» أن
السير بمقدار ستة أميال له خصوصية و موضوعية في الحكم.
و لكن المستفاد من الصحيحة الاُولى أن العبرة بمطلق المحاذاة، لقوله:
«فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء»، لأنّ
المراد بذلك أنه إذا سار ستة أميال فليحرم لكونه محاذياً للشجرة، فيظهر من
ذلك أنّ العبرة بالمحاذاة و إنما ذكر التحديد بالسير بمقدار ستة أميال
لأنّه على نحو القضية الشخصية الخارجية و من باب انطباق الكلي على أحد
المصاديق، و لعلّ وجهه أن السير المتعارف في ذلك الزمان كان بالخط المستقيم
بمقدار ستة أميال، فالمستفاد إذن من الصحيحة أنه لا عبرة بمسيرة ستة
أميال، بل العبرة بالمحاذاة و إن كان السير أكثر من تلك، كسبعة أميال أو
ثمانية و نحو ذلك ممّا لا يمنع من رؤية المحاذي له فيما إذا لم يكن موانع و
حواجز في سطح الأرض، نعم لا عبرة بالمسافة البعيدة كعشرين فرسخاً أو أكثر
أو أقل.
و بتعبير آخر: أنه إذا حصلت المحاذاة بالسير بمقدار سبعة أميال أو ثمانية
أو نحو ذلك كما إذا كان السير بخط منكسر، فلا مانع من الإحرام في الموضع
المحاذي و إن كان السير أزيد من ستة أميال، و لعل ستة أميال المأخوذة في
الرواية لأجل أن الطريق الذي كان يسلكه أهل المدينة في الزمان السابق كان
بمقدار ستة أميال، فهي قضية