البراءة عن لزوم التجديد.
و أشكل عليه في الجواهر بأنّ ما أوقعه أوّلاً لم يكن بمأمور به فهو فاسد
فلا بدّ من إتيان الإحرام الصحيح المأمور به، و مجرد كون الثاني مساوياً
للأوّل في الكون في غير مكّة لا أثر له، لأنّ الإحرام الأوّل فاسد فهو
كالعدم، و ليس النسيان مصححاً و إنّما هو عذر في عدم وجوب العود، و ذلك لا
يوجب الاجتزاء بالإحرام الأوّل. و أمّا أصالة البراءة فلا مجال لها مع
الإطلاقات الدالّة على الإتيان بالإحرام الصحيح، و ما أتى به غير صحيح على
الفرض، و قد عرفت أن مجرّد النسيان لا يصحح الإحرام و إنما هو عذر لترك
الواجب، فالحكم بالصحّة يحتاج إلى الدليل و هو مفقود{1}. و ما ذكره صحيح متين.
ثمّ إن مقتضى إطلاق كلام المصنف(قدس سره)عدم جواز الاكتفاء بإحرام من أحرم
من غير مكّة ناسياً أو جاهلاً و لو كان حين الإحرام غير متمكن من الرجوع
إلى مكّة واقعاً حتى إذا كان متذكراً، كما أن صاحب الجواهر(قدس سره)تأمل في
الحكم بالصحّة في الصورة المذكورة، و لكن لا يبعد جواز الاكتفاء بإحرامه
إذا كان حينه غير متمكِّن من الرجوع إلى مكّة واقعاً، لأنه قد أتى بما هو
مكلف به واقعاً و هو الإحرام من هذا المكان لفرض عدم إمكان العود، فإحرامه
صحيح و إن لم يعرف سببه، بل تخيل و اعتقد أنّ الإحرام من هذا المكان جائز
في نفسه و أنّه بحسب الوظيفة الأوّلية مع أنّ الأمر ليس كذلك و إنما جاز له
الإحرام في هذا المكان لعجزه عن العود إلّا أنّ هذا الاعتقاد غير ضائر في
صحّة عمله و إحرامه بعد فرض مصادفته للأمر به واقعاً، فلا بدّ من التفصيل
بين الإحرام الصادر عنه جهلاً أو نسياناً في حال التمكن من الرجوع إلى مكّة
فيحكم ببطلانه، لعدم كونه مأموراً به و بين الإحرام الصادر عنه في حال
العجز عن العود إلى مكّة فيحكم بصحّته، لانقلاب وظيفته الواقعية إلى
الإحرام من هذا المكان و إن لم يعلم به.