أمّا الإجماع : فلا يفيد في المقام أصلاً ; لكون المسألة ممّا تظافرت به الأدلّة النقلية وحكم به العقل ، فمن القريب جدّاً أن يكون المدرك لإجماعهم هو تلك الأدلّة .
وأمّا دليل العقل : فلا إشكال أنّ العقل يحكم بقبح العقاب بلا بيان ـ أي بلا حجّة ـ وهذا حكم قطعي للعقل ، يرتفع موضوع ذاك الحكم بوصول البيان إلى المكلّف بالعنوان الأوّلي ، أو بإيجاب الاحتياط والتوقّف في الشبهات ، وهذا ممّا لا إشكال فيه .
ثمّ إنّه يظهر عن بعضهم : أنّه لا يحتاج الاُصولي إلى هذه الكبرى ; لأنّ الملاك في استحقاق عقوبة العبد في مخالفة مولاه هو عنوان الظلم ; فإنّ مخالفة ما قامت عليه الحجّة خروج عن رسم العبودية ، وهو ظلم من العبد إلى مولاه ، يستوجب العقوبة . وأمّا مع عدم قيام الحجّة فلا يكون ظالماً ، فلا يستحقّ العقوبة ، وهو كاف في المقام .
وأمّا كون العقاب بلا بيان قبيحاً فغير محتاج إليه فيما يرتأيه الاُصولي ; وإن كان في نفسه صحيحاً[ 1 ] .
أقول : إنّ العقل مستقلّ بوجوب إطاعة المنعم وقبح مخالفته واستحقاق المتخلّف للعقوبة ، وهذا الحكم ـ استحقاقه للعقوبة ـ ليس بمناط انطباق عنوان الظلم عليه ، بل العقل يستقلّ بهذا مع الغفلة عن الظلم . على أنّ كون مطلق المخالفة