فإن قلت : يلزم اللغوية حينئذ ; إذ بعد ما حكم العقل باللاحرجية فلا مجال لجعل الإباحة الواقعية .
قلت : إنّه منقوض أوّلاً بالبراءة الشرعية ، مع استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وثانياً نمنع لغوية الجعل بعد كونها ذات آثار لا تترتّب إلاّ بجعل تلك الإباحة الواقعية ، ولا يغني عنها ما يحكم به العقل ; ضرورة أنّه مع الشكّ في ورود النهي من الشارع يمكن استصحاب الحلّية المجعولة ، بعد الإشكال في جريان أصالة عدم ورود النهي لأجل كونها أصلاً مثبتاً ، وبدونها لا يجوز استصحاب اللاحرجية ; لعدم كونها حكماً شرعياً ، ولا موضوعاً ذا أثر .
على أنّه يمكن منع اللغوية بأنّ جعلها لرفع الشبهة المغروسة في الأذهان من أنّ الأشياء قبل ورود الشرع على الحظر حتّى يرد منه الترخيص .
وأمّا الثاني : أعني أخذ عدم الضدّ شرطاً لوجود الضدّ الآخر ، فالمنع عنه يختصّ بالاُمور التكوينية كما حقّق في محلّه ، وأمّا الاُمور الاعتبارية التي لا يتحمّل أحكام التكويني ـ كالتضادّ وغيره ـ فلا ، وقد أوضحنا في بعض المباحث : أنّه لا تضادّ بين الأحكام[ 1 ] ، فلأجل ذلك يمكن أن يجعل عدم أحد الضدّين شرطاً لوجود الضدّ الآخر .
ومنها : ما أفاده من امتناع إرادة الإباحة الظاهرية من المطلق مع كون الورود الواقعي غايةً أو تحديداً للموضوع لأجل تخلّف الحكم من موضوعه التامّ ، ففيه : أنّ الموضوع على التحديد هو المشكوك الذي لم يرد فيه نهي واقعاً ، وهو غير المشكوك الذي ورد فيه نهي .