وبالجملة : لو كان الموضوع للإباحة الظاهرية هو المشكوك بما هو هو ، المجامع مع ورود النهي واقعاً ، يلزم تخلّف الحكم ـ الإباحة الظاهرية ـ عن موضوعه المشكوك . فمع كون الموضوع ـ وهو المشكوك ـ موجوداً ليس معه الحكم ـ أعني الإباحة ـ لأجل ورود النهي واقعاً .
وأمّا لو كان الموضوع هو المشكوك الذي لم يرد فيه نهي واقعاً ، فلو ورد هنا نهي لانتفى ما هو موضوع الإباحة بانتفاء أحد جزئيه ، فليس هنا موضوع حتّى يلزم انفكاك الحكم عن موضوعه .
نعم ، لو كان غاية فالموضوع وإن كان هو المشكوك بما هو هو ـ وهو محفوظ مع ورود النهي ـ لكن لا مانع من تخلّف الحكم عن موضوعه إذا اقتضت المصالح الخارجية لذلك .
وما ذكر من الامتناع ناش من قياس التشريع على التكوين ، بتخيّل أنّ الموضوعات علل تامّة للأحكام ـ كما هو المعروف ـ وهو غير تامّ .
وقد عرفت : أنّ المصالح الخارجية ومفاسدها لها دخالة في تعلّق الأحكام ، كما مرّ[ 1 ] في نجاسة الكفّار ، وطهارة العامّة في حال الغيبة لأجل حصول الاتّفاق والاتّحاد ; حتّى دلّت الأخبار على رجحان معاشرتهم والحضور في جماعاتهم إلى غير ذلك[ 2 ] .
وعلى ذلك : فالمشكوك يمكن أن يكون حلالاً إلى أمد ; لاقتضاء العصر وحراماً إلى زمان آخر . وإن شئت أخذت الحوادث المقارنة قيداً محدوداً ، وبتغيّرها يتغيّر الحكم .
[1] تقدّم في الصفحة 76 . [2] راجع وسائل الشيعة 16 : 219 ، كتاب الأمر والنهي ، أبواب الأمر والنهي ، الباب 26 ، و8 : 299 ، كتاب الصلاة ، أبواب صلاة الجماعة ، الباب 5 .