وعلى ذلك : فلابدّ من البحث عن الوجه المصحّح للمجاز ، وأنّه ماذا ؟
والذي يمكن أن يقال وجوه :
الأوّل : أن يكون على نحو المجاز في الحذف ; أي لا حكم ضرري ـ كما هو المختار عند النحاة ـ في قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)[ 1 ] .
الثاني : أن يكون على نحو المجاز في الكلمة ; من استعمال اللفظ في غير ما هو موضوع له بلا ادّعاء ـ على ما هو مصطلح عندهم ـ لعلاقة السببية والمسبّبية ، فاُطلق المسبّب واُريد السبب ; فإنّ تشريع الحكم الضرري سبب للضرر .
وبما أنّك وقفت[ 2 ] على حقيقة المجاز في فنون البلاغة وأساليب الفصاحة فلا وقع لهذين القولين في تصحيح ما هـو المطلوب ، وعرفت : أنّ كلّ ما يـدّعيه القوم من كونه على نحو المجاز في الحذف ، أو في الكلمة على الطريقة المألوفة عندهم ليس بشيء ; وإن كان يوهم بعض تعبيراته(قدس سره) : أنّ المقام من قبيل المجاز فـي الحذف.
الثالث : أن يكون على نحو الحقيقة الادّعائية ، وهو يتصوّر على وجوه :
في الوجوه المتصوّرة للحقيقة الادعائية
منها : ما أفاده المحقّق الخراساني ; من أنّها من قبيل نفي الموضوع كناية عـن نفي آثاره ، كقول القائل : «يا أشباه الرجال ولا رجال» مدّعياً أنّ تمام حقيقة الرجولية هو المروّة والشجاعة ، فإذا فقدتا فقد فقدت الرجولية . والمراد من الآثار
[1] يوسف (12) : 82 . [2] تقدّم في الجزء الأوّل : 61 .