ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرنا من حكم العقل على استحقاق العقاب على ترك الواقع الذي ورد البيان له ; بحيث لو تفحّص لظفر به : أنّ المنجّز ـ بالكسر ـ هو الاحتمال ، والمنجّز هو الواقع . ومعنى تنجيز الواقع هو صحّة العقوبة عليه عند المخالفة .
وما اُفيد في المقام من أنّ المنجّز ـ بالفتح ـ إنّما هو الطريق ; قائلا بأنّ الواقع غير فعلي مع عدم وصوله ، وإنّما يصير فعلياً بوصوله حقيقة قد تقدّم جوابه ; حيث قلنا : إنّ الفعلية لاتتوقّف على علم المكلّف وقدرته ، فالواقع منجّز باحتماله[ 1 ] .
وأمّا منجّزية البيان ـ بالفتح ـ فممّا لا محصّل له ; لعدم العقاب على التكاليف الطريقية .
تنبيه : فيما أفاده المحقّق الخراساني في المقام
قد أفاد المحقّق الخراساني : أنّ المخالفة في المقام مغفول عنها ، ولكن لمّا كانت منتهية إلى الاختيار يستحقّ العقوبة عليها[ 2 ] .
أقول : وفي كلامه خلط واضح ; فإنّ البحث إنّما هو في شرائط جريان البراءة ، فلا محالة يكون المورد ملتفتاً إليه ، وهو يستلزم كون احتمال المخالفة ملتفتاً إليه أيضاً ; وإن كانت المخالفة غير معلومة .
فحينئذ فرق بين كون المخالفة غير معلومة وكونها مغفولا عنها ، فهي غير معلومة لكنّها ليست مغفولا عنها .
ثمّ إنّه لو فرض كون ترك الفحص موجباً لبقاء الغفلة عن التكليف ، كما لو
[1] تقدّم في الصفحة 426 ـ 427 . [2] كفاية الاُصول : 425 .