القابلية تارة يكون بانتفاء الموضوع واُخرى بانتفاء المحمول ، فالأعمّ صدقاً من حيث وجود الموضوع وعدمه كيف يقع موضوعاً لحكم إيجابي ـ الحرمة والرؤية ـ مع أنّه لا يصدق إلاّ مع بعض حالات الموضوع .
وإن شئت قلت : إنّ سلب شيء عن شيء قبل تحقّق الموضوع ليس له واقع ، وإنّما هو من اختراع العقل لا كاشفية ولا مكشوفية في البين ، فقولنا : هذه المرأة قبل تحقّقها لم تكن قرشية أو أنّ هذا الحيوان قبل تحقّقه لم يكن قابلاً للتذكية والآن كما كان ممّا لا معنى له ; لأنّ هذه المرأة قبل تحقّقها لم تكن هذه ، وهذا الحيوان لم يكن هذا ; لا وجوداً ولا ماهية ، ولا يمكن أن يشار إليهما حسّاً أو عقلاً .
وإنّما يتوهّم الواهمة : أنّ لهذا المشار إليه هذيّة قبل تحقّقها ; فهذه المرأة قبل وجودها لم تكن مشاراً إليها ولا مسلوباً عنها شيء على نعت سلب شيء عن شيء ، فالقضية المشكوك فيها ليست لها حالة سابقة ، وإنّما سابقتها في عالم الاختراع بتبع اُمور وجودية .
فإن قلت : إنّ المرأة الكذائية قبل تحقّقها إمّا قرشية أو ليست بقرشية ، وهكذا الحيوان ; لامتناع ارتفاع النقيضين ، فإذا كذب كونها قرشية أو كونه قابلاً صدق أنّها ليست بقرشية .
قلت : فيه ـ مضافاً إلى أنّ نقيض قولنا : «إنّها قرشية» ليس قولنا : «إنّها ليست بقرشية» على نعت سلب شيء عن شيء له واقعية ، بل نقيضه أعمّ من ذلك ومن بطلان الموضوع ; وهو يلازم بطلان المحمول ومفاد الهيئة ـ أنّ القرشية والقابلية من لوازم الوجود ـ أي يتّصف به الموضوع بعد وجوده ـ فهي قبل وجوده لا قرشية ولا ليست قرشية ، والحيوان لا قابل ولا ليس بقابل على معنى سلب شيء عن شيء ; وإن صدق السلب المحصّل بسلب الموضوع . فسلب القرشية عن المرأة ليس سلباً