وأمّا ما أفاده بعض أعاظم العصر : من أنّ اتّفاقهم على أمر إن كان نشأ عن تواطئهم على ذلك كان لتوهّم الملازمة العادية بين إجماع المرؤوسين ورضاء الرئيس مجال ، وأمّا إذا اتّفق الاتّفاق بلا تواطؤ منهم فهو ممّا لا يلازم عادة رضاء الرئيس ولا يمكن دعوى الملازمة[ 1 ] .
فضعيف جدّاً ; لأنّ إنكار الملازمة في صورة التواطؤ أولى وأقرب من الإجماع بلا تواطؤ ; فإنّ الاتّفاق مع عـدم الرابـط بينهما يكشف عن وجـود ملاك لـه ـ من نصّ أو غيـره ـ وأمّا الاتّفاق مع التواطؤ فيحتمل أن يكون معلّلاً بأمر غير ما هو الواقع .
فلو ادّعى القائل بحجّية الإجماع المنقول أ نّه كاشف عن الدليل المعتبر الذي لم نعثر عليه أو عن رضاه فلا يعدّ أمراً غريباً .
هذا ، ولكنّه موهون من جهة اُخرى ; فإنّ من البعيد جدّاً أن يقف الكليني أو الصدوق أو الشيخ ومن بعده على رواية متقنة دالّة على المقصود ، ومع ذلك تركوا نقلها .
والأولى أن يقال : إنّ الشهرة الفتوائية عند قدماء الأصحاب يكشف عن كون الحكم مشهوراً في زمن الأئمّة(عليهم السلام) ; بحيث صار الحكم في الاشتهار بمنزلة أوجبت عدم الاحتياج إلى السؤال عنهم(عليهم السلام) ، كما نشاهده في بعض المسائل الفقهية .
وبالجملة : أنّ اشتهار حكم بين الأصحاب يكشف عن ثبوت الحكم في الشريعة المطهّرة ومعروفيته من لدن عصر الأئمّة(عليهم السلام) .