الرازي والحاجبي إلى تعريفه بوجه آخر ، فعن الأوّل بأنّه اتّفاق أهل الحلّ والعقد من اُمّة محمّد على أمر من الاُمور[ 1 ] ، وعن الثاني : أ نّه اتفاق المجتهدين من هذه الاُمّة في عصر على ما أمر[ 2 ] ، مع عدم تتميم مقصدهم بأيّ تعريف عرف ; لمخالفة جمع من أهل الحلّ والعقد والمجتهدين معها .
وأمّا عند الخاصّة : فليس حجّة بنفسه اتّفاقاً ، بل لأجل أ نّه يستكشف منه قول المعصوم أو رضاه ; سواء استكشف من الكلّ أو اتّفاق جماعة .
ولعلّ تسمية ما هو الدليل الحقيقي ـ السنّة ـ بالإجماع لإفادة أنّ لهم نصيباً منها ، وليكون الاستدلال على أساس مسلّم بين الطرفين . ولعلّه على ذلك يحمل الإجماعات الكثيرة الدائرة بين القدماء ، كالشيخ وابن زهرة وأضرابهم ، كما يظهر من مقدّمات «الغنيـة»[ 3 ] ، وإلاّ فقد عرفت أنّ الإجمـاع عندنا وعندهم مختلف ; غايةً وملاكاً .
الثاني : أنّ البحث في المقام إنّما هو عن شمول أدلّة حجّية الخبر الواحد للإجماع المنقول به وعدم شموله ، وكان الأولى إرجاع البحث إلى الفراغ عن حجّيته .
وكيف كان فنقول : إنّه سيوافيك[ 4 ] أنّ الدليل الوحيد على حجّية الخبر الواحد ليس إلاّ بناء العقلاء ، وما ورد من الآيات والأخبار كلّها إرشاد إلى ذلك البناء .
وعليه فنقول : لا شكّ في حجّية الخبر الواحد في الإخبار عن المحسوسات
[1] المحصول في علم الاُصول 3 : 770 . [2] شرح العضدي على مختصر ابن الحاجب : 122 . [3] غنية النزوع 2 : 384 . [4] يأتي في الصفحة 472 .