فيما إذا دخلت على الجملة وادّعى الوفاق فإنّما أراد ما ذكرنا ؛ نظرا إلى أنّ الأغلب كونها للترقّي ، بخلاف ما إذا كان بعدها مفرد ، فيحتمل الوجهين.
وكيف كان ، ففيما إذا كانت إضرابيّة اختلفوا فيها على أقوال :
أحدها : إفادتها الحصر مطلقا سواء كان في الإيجاب أو النفي ، وهو المنسوب إلى الحاجبي [١].
الثاني : العدم مطلقا ، وهو المنسوب إلى الزمخشري [٢] ، فقولك : « جاءني زيد بل عمرو » إنّما يدلّ على صرف الحكم المقصود بالكلام إنشاؤه عن زيد وإثباته لعمرو من غير دلالة على حكم المتبوع.
الثالث : التفصيل بين النفي فيدلّ ، والإثبات فلا يدلّ. ذهب اليه جماعة منهم نجم الائمّة [٣] والتفتازاني [٤] ـ على ما حكي ـ واختاره بعض أعاظم المتأخّرين [٥]. واستند في ذلك : بأنّ احتمال الغلط في النفي بعيد ، بخلافه في الإثبات.
ثمّ إنّه ينبغي أن لا يكون من موضع الخلاف ما إذا كانت مسبوقة بـ « لا » ، فإنّه حينئذ كالنصّ في ثبوت المفهوم. ولا يبعد دعوى الوفاق ، إلاّ أنّ ابن هشام جعله لتأكيد الإضراب [٦] فلو كان لمجرّد الصرف عنده كان مخالفا.
[١] حكى عنه الكلباسي في إشارات الاصول ١ : ٢٥٢. [٢] المصدر المتقدم ، وراجع شرح الأنموذج من كتاب جامع المقدمات ٢ : ٤٠١. [٣] شرح الكافية ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٧٩. [٤] انظر شرح التلويح على التوضيح ١ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠. [٥] الظاهر أنه هو الكلباسي صاحب إشارات الاصول ، فراجع. [٦] مغني اللبيب : ١٥٣.