فالأوجه على ما صرّح به بعض المحقّقين [١] : أنّ المنساق من ذلك ليس إلاّ إثبات عنوان الإلهيّة لله تعالى فعلا. وأمّا نفي إمكان غيره فإنّما هو بواسطة ملازمة واقعيّة بينهما ، ولا يضرّ خفاء تلك الملازمة ، فإنّ ما اختفى منها إنّما هو الالتفات اليها تفصيلا ، بمعنى عدم الشعور بعلمها ، وأمّا العلم بنفس الملازمة فإنّما هو ممّا فطر الله تعالى عليه عامّة الخلق ، كما ذهب إليه جماعة من العرفاء والحكماء الالهيّين [٢]. وعلى تقدير الاختفاء فلا مانع من القول بكفاية ذلك في الحكم بالإسلام ، سيّما في صدر الإسلام كما صرّح به جماعة أيضا [٣].
ثمّ إنّهم اختلفوا في كون الدلالة المذكورة هل بالمنطوق أو بالمفهوم؟ فإن أرادوا بذلك ترتيب أحكام أحد القسمين عليها عند التشخيص ، ففيه : أنّا لا نعرف حكما يخصّ بأحدهما ، إذ ليسا مأخوذين في عنوان دليل شرعي. وأمّا تقديم المنطوق عند التعارض فقد عرفت ما فيه ، إذ المدار على الأقوائيّة والظهور ، ولا دليل على دورانهما مدارهما. وإن أرادوا بذلك تشخيص ما هو الواقع بحسب الاصطلاح ، فالظاهر أنّه من المفهوم.
وتحقيق ذلك : أنّ قولك : « ما زيد إلاّ قائما » يشتمل على حكمين : أحدهما سلب جميع المحمولات عن زيد ، وثانيهما : إثبات القيام لزيد. والأوّل مستفاد منطوقا ، والثاني مفهوما ، نظرا إلى ما وجّهنا حدّيهما فيما تقدّم ، إلاّ أنّه مع ذلك لا طائل تحته.
ومنها : الإضراب بكلمة « بل » ، وأمّا ما جيء به للترقّى فلا يفيد الحصر قطعا ، إذ لا وجه لاستفادة الحصر منها. ولعلّ من جزم بعدم إفادتها الحصر