ومنها : الحصر بإنّما ، كقولك : إنّما زيد قائم. واختلفوا في ذلك ، والمشهور على الإفادة ، وذهب بعضهم إلى العدم [١].
واحتجّوا بامور ، أقواها تصريح اهل اللغة كالأزهري [٢] بذلك. وقال بعضهم : لم أظفر بمخالف فيه [٣]. ونقل بعضهم إجماع النحاة على ذلك [٤] ، وهو المنقول عن أئمة التفسير أيضا [٥]. وحكي عن المبرّد في جواب من سأله عن اختلاف قولهم : « إنّ زيدا قائم » و « إنّما زيد قائم » : أنّ الأوّل إخبار عن قيامه فقط والثاني إخبار عن قيامه مع اختصاصه به [٦]. وظاهره اختلاف المدلول باختلاف الدلالة. وأيّد ذلك بدعوى التبادر عند استعمال تلك اللفظة.
والانصاف أنّه لا سبيل لنا إلى ذلك ؛ فإنّ موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة ، ولا يعلم بما هو مرادف لها في عرفنا حتّى يستكشف منها ما هو المتبادر منها ، بخلاف ما هو بأيدينا من الألفاظ المترادفة قطعا لبعض الكلمات العربيّة ، كما في أداة الشرط ونحوها.
وأمّا النقل المذكور فاعتباره في المقام موقوف على اعتبار قول اللغوي في تشخيص الأوضاع على تقدير أن لا يكون ذلك منهم اجتهادا ، ولم يثبت ذلك إلاّ على تقدير اعتبار مطلق الظنّ كما قرّر في محلّه.
[١] مثل الآمدي في الإحكام ٣ : ١٠٦ ، والمحقّق النراقي في المناهج : ١٣٢. [٢] راجع لما احتجّوا به ولما حكي عن الأزهري ، مفاتيح الاصول : ١٠٥ ، وإشارات الاصول ١ : ٢٤٨. [٣] قاله الطريحي في مجمع البحرين ١ : ٩١. [٤] نقله المحقّق الكلباسي في الإشارات ، ١ : ٢٤٨. [٥] انظر مفاتيح الاصول : ١٠٥. [٦] لم نعثر عليه.