فإن استظهر العرف حسب المناسبات
المغروسة في ذهنه انّ الموضوع هو الماء ، والتغيّر علة لعروض النجاسة عليه ، ويكفي
في السببية وجوده آناً ما ، يكون المورد صالحاً للاستصحاب ، أخذاً بوحدة القضيتين.
وإن استظهر كون الموضوع هو الماء المقيّد
بالتغيّر ، فلايكون صالحاً له ، وعلى ضوء ذلك فليس ظاهر الدليل مقياساً للوحدة
وخلافها ، بل ما يفهمه العرف منه حسب ارتكازه.
وعلى ذلك تستطيع أن تميّز بقاء الموضوع
وعدم بقائه في الأمثلة التالية :
١. إذا صار الخشب النجس رماداً.
٢. إذا صار الخمر خلاً.
٣. إذا باع الفرس فبان بغلاً.
٤. إذا باع الفرس الأصيل فبان غير أصيل.
فالعرف يتلقّى الأمثلة الثلاثة الأوّلية
انّه من قبيل انتفاء الموضوع واختلاف القضيتين ، لأنّ الصورة الجسمية وإن كانت
مشتركة لكن المهم هو الصورة النوعية ، وأين هي في الرماد والخل والبغل؟ ولكن العقل
يقضي في المثال الرابع بخلاف ذلك فيرى الصورة النوعية محفوظة وإنّما الاختلاف في
الشرط ، وهو كونه أصيلاً.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني صحّح استصحاب
الأحكام الكلية ، من عنوان إلى عنوان آخر ، وقال : إذا ورد : العنب إذا غلى يحرم ،
كان الموضوع هو خصوص العنب ، لكن العرف حسب مرتكزاته وما يتخيل من المناسبات بين
الحكم والموضوع يتلقّى الموضوع للحرمة ما يعم الزبيب ، ويرى العنبية والزبيبية من
حالات الموضوع المتبادلة ، بحيث لو لم يكن الزبيب محكوماً بحكم العنب كان من قبيل
ارتفاع الحكم بموضوعه.