قال : الماء نجس إذا
تغيّر ، فزوال التغيّر لايثبت زوال الموضوع ، لأنّه في لسان الدليل هو الماء
والمفروض بقاؤه.
يلاحظ
عليه : أوّلاً : أنّ الاعتماد على
لسان الدليل الوارد في مجال الأحكام والأخلاق أمر من الصعوبة بمكان ، وذلك لأنّ
الرواة لم يلتزموا بنقل ما سمعوه من الإمام بحذافيره وكيفيته ، بل كان اهتمامهم
منصباً على أداء المفاهيم التي تلقّوها من الإمام سواء أوافقت لفظ الإمام كماً وكيفاً
أو لا ، ولذلك لما سأل محمد بن مسلم أبا عبد الله عليهالسلام
عن نقل الحديث بالمعنى ، فقال : « إن كنت تريد معانيه فلا بأس ». [١]
نعم كان الرواة ملتزمين بنقل الخطب
والأدعية بنصوصها ، لأنّ روعتها تكمن في ألفاظها الناصعة وتراكيبها الخلاّبة ،
وهذا بخلاف ماله صلة بالأحكام والأخلاق ، ولأجل ذلك لايمكن الاعتماد كلياً على
لسان الدليل.
وثانياً
: أنّ هذا الاحتمال إنّما يتميّز عن الاحتمال الثالث إذا كان المراد الجمود على
ظاهر اللفظ من دون ملاحظة المناسبات بين الموضوع والحكم الموجودة في أذهان العرف ،
وأمّا مع هذه الملاحظة فهو يرجع إلى الاحتمال الثالث الذي سنذكره.
ج : المرجع فهم العرف من
الدليل
المرجع هو الدليل الاجتهادي المتكفّل
للحكم الأوّلي الكلّي ، لكن حسب ما يفهم العرف منه ، فسواء أورد ، قوله : الماء
المتغيّر نجس ، أم ورد قوله : الماء ينجس إذا تغيّر.