نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 143
مشارق الارض
ومغاربها على مرّ السنين وفيهم العلماء والصلحاء وغيرهم ، يستحيل أن يكون خطأ ،
وكلهم يفعلون ذلك على وجه التقرب به إلى اللّه عزّوجلّ ، ومن تأخر فإنّما يتأخر
بعجز أو تعويق المقادير مع تأسفه عليه ، وودّ لو تيسّر له ، ومن ادّعى أنّ هذا
الجمع العظيم مجمع على خطأ فهو المخطىء.
وما ربما يقال من أنّ سفرهم إلى المدينة
لأجل قصد عبادة أُخرى وهي الصلاة في المسجد ، باطل جداً. فإنّ المنازعة فيما يقصده
الناس مكابرة في أمر البديهة ، فمن عرف الناس أنهم يقصدون بسفرهم الزيارة من حين
يعرجون إلى طريق المدينة ، ولا يخطر غير الزيارة من القربات إلاّ ببال قليل منهم ،
ولهذا قلّ القاصدون إلى بيت المقدس مع تيسّر إتيانه ، وإن كان في الصلاة فيه من
الفضل ما قد عرفت ، فالمقصود الأعظم في المدينة ، كما أنّ المقصود الأعظم في مكة ،
الحج أو العمرة ، وصاحب هذا السؤال إن شك في نفسه فليسأل كل من توجّه إلى المدينة
ما قصد بذلك [١].
الثالث
: إنّه إذا كانت الزيارة قربة وأمراً مستحباً على الوجه العام والخاص ، فالسفر
وسيلة القربة ، والوسائل معتبرة بالمقاصد ، فيجوز قطعاً.
الرابع
: ما نقله المؤرخّون عن بعض الصحابة والتابعين.
١ ـ قال ابن عساكر في ترجمة بلال : إنّ
بلالا رأى في منامه رسول اللّه وهو يقول له : ما هذه الجفوة يا بلال ، اما آن لك
أن تزورني يا بلال؟ فانتبه حزيناً ، وجلا ، خائفاً ، فركب راحلته وقصد المدينة
فأتى قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه ، فأقبل الحسن والحسين ـ رضي اللّه عنهما ـ فجعل
يضمّهما ويقبّلهما ، فقالا له : نشتهي نسمع أذانك الّذي كنت تؤذن به لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ففعل ، فعلا سطح المسجد ، فوقف موقفه
الّذي كان يقف فيه ، فلمّا أن قال : « اللّه أكبر ، اللّه أكبر » ارتجّت المدينة ،
فلمّا أن قال : « أشهد أن لا إله إلاّ اللّه » ، ازدادت رجّتها ، فلمّا أن قال : «
أشهد أنّ محمداً رسول اللّه » خرجت العواتق من
[١] شفاء السقام ،
في زيارة خير الأنام لتقي الدين السبكي ص ٨٥ ـ ٨٦ ط بولاق مصر.
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 143