نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 142
القبور ، خصوصاً إذا
كان السفر دينياً ومنسوباً إلى الشرع ، فإنّ الإفتاء بجوازه بما أنّه عمل يؤتى به
لأجل كونه أمراً دينياً يحتاج إلى الدليل ، وإلى الجواب :
يدل على جواز السفر لفيف من الدلائل ،
وإليك بيانها :
الأول
: ما ورد من الحث على زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
وستوافيك نصوصها فإنّها بين صريح في جواز السفر أو مطلق يعم المقيم والمسافر ،
فقول النبي وفعله حجتان ، أمّا قوله :
فقد روي عن عبداللّه بن عمر أنّه قال :
قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : من جاءني
زائراً لا تعمله ( تحمله ) إلاّ زيارتي كان حقاً علىّ أن أكون له شفيعاً يوم
القيامة.
روي أيضاً عن عبداللّه بن عمر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : من حجّ فزار قبري بعد وفاتي
كان كمن زارني في حياتي.
والثاني صريح في جواز السفر ، والأول
مطلق يعم المسافر والمقيم في المدينة ، وستوافيك هذه النصوص عن أعلام المحدثين.
وأمّا فعله ، فقد روي عن طلحة بن
عبداللّه قال : خرجنا مع رسول اللّه يريد قبور الشهداء ـ إلى أن قال ـ : فلمّا
جئنا قبور الشهدا ، قال : هذه قبور إخواننا [١].
الثاني
: الإجماع ، لإطباق السلف والخلف ، لأنّ الناس لم يزالوا في كل عام إذا قضوا الحج
يتوجهون إلى زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وإن منهم من يفعل ذلك قبل الحج ، قال السبكي : هكذا شاهدناه ، وشاهده من قبلنا
وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة ، وكلهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه وإن لم يكن
طريقهم ، ويقطعون فيه مسافة بعيدة ، وينفقون فيه الأموال ، ويبذلون فيه المهج ،
معتقدين أنّ ذلك قربة وطاعة ، وإطباق هذا الجمع العظيم من
[١] أخرجه أبو داود
في سننه ج ١ ص ٣١١ ، والبيهقي في السنن الكبرى ج ٥ ص ٢٤٩ والمراد من الشهداء شهداء
أحد ، كما هو مورد الحديث.
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 142