نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 141
فلا ينعقد النذر ،
فإنّه ليس في قصد مسجد بعينه غير الثلاثة قربة مقصودة ، وما لا يكون قربة ولا
عبادة فهو غير ملزم بالنذر.
كل ذلك يحدد مصب الحديث وهدفه ، وأنّ
المقصود هو المنع عن تعظيم مكان تشد الرحال إليه ، وأمّا إذا كانت الغاية تعظيم من
عظّمه اللّه سبحانه وأكرمه ورزقه فضلا كبيراً ـ كما قال ـ : ( وكانَ
فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً )[١] ، فهو خارج
عن مورد الحديث.
ومع ذلك فإنّ النهي عن شد الرحال إلى
مكان خاص ليس لغاية تحريمه ، وإنما هو إرشاد إلى نفي الفضيلة. قال ابن قدامة
الحنبلي : « إن سافر لزيارة القبور والمشاهد فقال ابن عقيل لا يباح له الترخص لأنه
منهي عن السفر إليها ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
: لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد ، والصحيح إباحته وجواز القصر فيه ، لأنّ
النبي كان يأتي قبا ماشياً وراكباً ، وكان يزور القبور ، وقال : زوروها تذكركم
الآخرة ، وأمّا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد ، فيحمل على نفي الفضيلة ، لا على التحريم ،
فليست الفضيلة شرطاً في إباحة القصر ولا يضر انتفاؤها [٢].
هذا كله حول الحديث وتحديد مضمونه ، وقد
عرفت أنّ شد الرحال إلى زيارة النبي خارج عن موضوع الحديث على كلا التقديرين ،
فالاستدلال به على التحريم باطل جداً.
الدليل على جواز السفر إلى
زيارة القبور
ثم إنّ هنا سؤالا يثار في المقام ، وهو
أنّ الحديث وإن كان قاصراً عن إثبات التحريم ، ولكن ما هو الدليل على جواز السفر
لزيارة قبر النبي أو سائر
[٢] المغني لابن
قدامة المتوفى سنة ٦٢٠ ، ج ٢ ص ٢١٧ ـ ٢١٨ ، وذكر في ج ٣ ص ٤٩٨ استحباب الزيارة ،
وكيفية زيارة النبي فلاحظ ، وما نقله عن ابن عقيل غير ثابت ، لأنّ السبكي نقل عنه
خلافه ، لاحظ شفاء السقام ص ١١٣.
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 141