نام کتاب : الرسائل الأربع( قواعد أصولية وفقهية) - تقريرات نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 3 صفحه : 196
الفتوى الأُولى حجّة فعليّة، ليس بمعنى نفي الحجيّة عن الأُخرى، بل كلاهما حجّة فعليّة بمعنى أنّ العمل بكلّ منهما مؤمّن من العقاب و صالح للاحتجاج ( [1])، نعم يلزم التّعارض لو قلنا بأنّ جعل الحجيّة لكلّ واحد من الفتويين يلازم جعل حكم مماثل فيلزم جعل حكمين مماثلين متضادَّين، و هذا النَّوع من التعارض- على فرض صحّته- راجع إلى باب إمكان التعبّد بالامارات، و لا صلة له بالمقام.
إلى هنا تبيّن أنّه ليس للقائل بالجواز دليل رصين، و إليك دراسة قول القائل بالمنع.
استدلّ: بأنّ عدم الجواز هو مقتضى الأصل العقليّ المتقدّم (عند الدّوران بين التّعيين و التّخيير) للشكّ في حجيّة فتوى من يريد العدول إليه، و العلم بحجيّة فتوى من يريد العدول عنه، و في مثله يبنى على عدم حجيّة مشكوك الحجيّة ( [2]).
يلاحظ عليه: أنّه لا تصل النّوبة إلى الأوّل (الأصل العقليّ) إلّا بعد اليأس عن تحصيل الدّليل، هذا من جانب، و من جانب آخر ليس للرّأي خصوصيّة إلّا كونه طريقاً و كاشفاً عن الواقع، و هو مشترك بينهما، فالفتوى الأولى و الثّانية سيّان في الحجيّة و الكاشفيّة.
إذا علمت هذا، فإنّ مقتضى القاعدة هي سقوط الفتويين عن الحجيّة و الرّجوع إلى الاحتياط، و لكن لمّا كان الاحتياط أمراً متعسّراً لتوقّفه على العلم بالفتاوى و كيفيّة الاحتياط كفى الامتثال الاحتماليّ و هو العمل بإحداهما، و كونه بحكم العقل فهو مستقلّ بالتخيير في كلتا الحالتين، فالأقوى جواز العدول في المتساويين بشرط أنّ لا يؤدّي و ينتهي العدول إلى اللّعب بالتّقليد و إنّ كان الأحوط عدم العدول و اللّه العالم.
[1] قال السيد الخوئيّ (رضي الله عنه) «فيما إذا كان المستصحب حجيّة الفتوى المختارة:- لا معنى لجعل الطريقيّة للجامع و لا لأحدهما المبهم، بل الطريق كلّ واحد منهما بشرط اختيار المكلَّف له. فإذا اختار أحدهما يكون هو الحجة الفعلية في حقّه و يتنجز عليه الحكم الذي يؤدي إليه المختار ...» دروس في فقه الشيعة- ج 1 الاجتهاد و التقليد: ص 66- 67.