نام کتاب : الحج في الشريعة الإسلامية الغراء نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 3 صفحه : 343
..........
الحديثين السابقين الدالّين على أنّ السب و المفاخرة من أقسام الفسوق، و قد عرفت كيفية العلاج بأحد الوجهين، و هناك تعارض آخر و هو التعارض بين نفس الحديثين، منطوق كل مع مفهوم الآخر. فإنّ الحديث الثاني يدلّ بمنطوقه على حصر الفسوق في الكذب و السباب، و بمفهومه على نفي المفاخرة، كما أنّ الحديث الثالث بمنطوقه يدلّ على حصر الفسوق في الكذب و المفاخرة، و بمفهومه على نفي السباب، فكيف الجمع؟
ثمّ إنّ صاحب المدارك قال حول هذا النوع من التعارض ما هذا نصّه:
بأنّ الجمع بينهما يقتضي المصير إلى أنّ الفسوق هو الكذب خاصة، لاقتضاء الأولى نفي المفاخرة، و اقتضاء الثانية نفي السباب. [1]
و أوضحه صاحب الحدائق بقوله: فإنّ الأخبار الباقية صريحة في تفسيره بالكذب خاصة، و الخبران المذكوران قد تعارضا في ما عدا الكذب و تساقط و دفع كلّ واحد منهما الآخر، فيؤخذ بالمتّفق عليه منهما و يطرح المختلف فيه من كلّ من الجانبين. [2]
يلاحظ عليه: بأنّ مصب التعارض بينهما هو منطوق كلّ واحد مع مفهوم الآخر لا منطوق كلّ مع منطوق الآخر، فلا تعارض بين ما دلّ على حرمة الكذب و السباب و ما دلّ على حرمة الكذب و المفاخرة، و إنّما التعارض بين منطوق الصحيحة الأولى التي تحصر الفسوق بالكذب و السباب، و تنفي بمفهومها المفاخرة، و بين منطوق الصحيحة الثانية الّتي تحصره بالكذب و المفاخرة و تنفي بمفهومها السباب، و بما أنّ الدلالة المنطوقية أقوى من الدلالة المفهومية، فيؤخذ