نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 502
ابن العاص،- و أمثاله من الذين اجتهدوا على عهد رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)-، وراء فكرة الوضوء الثلاثي الغسلي، لوقوفنا على إصراره لصيام الدهر، و قيام الليل و تطويله، و اعتزال النساء، و ختم القرآن في كل ليلة و ..
فهذا الصحابي و أمثاله قد يكونوا أحبوا التقرب إلى اللّٰه فرأوا التعمق في العبادة هو الطريق الأمثل إلى هذا القرب الإلهي فغسلوا أرجلهم بدل المسح، لسماعهم قوله (صلّى اللّٰه عليه و آله) (أفضل الأعمال أحمزها)!! مخالفين بذلك نص الرسول و نهيه على الرهبنة في الإسلام، و إنّ الإسلام هو التسليم لا الاجتهاد الحر.
و قد يكونوا اجتهدوا على أنّ الغسل يكفي عن المسح، لأنّه الأقرب إلى النفس، متجاهلين أنّ الأحكام الشرعية أمور توقيفية لا يجوز فيها الزيادة و النقيصة، بل الواجب فيها التعبد بما نزل به الوحي و عمل به الرسول.
و إنّا سنوضح لاحقا بأنّ الغسل ليس هو سنة رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، لعدم إجماع الصحابة عليه، بل إنّ اختلافهم في النقل عنه (صلّى اللّٰه عليه و آله) و سلم، و ثبوت المسح عن رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) من صحابة كبار أمثال ابن عباس، و علي بن أبي طالب، و رفاعة بن رافع و .. لمؤشر على ذلك.
و مما يحتمل في الأمر كذلك هو تأثرهم بعمل اليهود، لما عرفنا عن وضوئهم.
و على ضوء ما مر نرجح كون عبد اللّٰه بن عمرو بن العاص من دعاة فكرة الوضوء الثلاثي الغسلي، للأسباب التالية.
أولا: لملاءمة الغسل لنفسيته المتعمقة في الدين.
ثانيا: لتأثره- كبقية المتأثرين بأهل الكتاب و قصص اليهود-، فقد مر قول الذهبي: (و أمعن النظر في كتبهم، و اعتنى بذلك).
ثالثا: عثوره على زاملتين من اليهود و حكايته عنها، فربّما يكون الوضوء الثلاثي الغسلي قد أخذ منهم، لعمل اليهود به، فلا يستبعد أن يكون موجودا في الزاملتين كذلك.
منبهين على أنّ في كلام عائشة و بعض الصحابة أشد ممّا قلناه [1]، و سيتضح
[1] انظر مقالنا المطبوع في تراثنا العددان 55 و 56 باسم (السنّة بعد الرسول) ص 64 و ما بعده.
نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 502