نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 348
مع أنّ الإمام على و جمع من الصحابة لم يستسيغوا هذا النمط من التفكير و تحكيم قول الرجال على النص في الشريعة، و عدّوا هذا العمل خارجا عن التعبّد المحض بأقوال اللّٰه و سنة رسوله، فتراهم يعترضون على اتجاه الرأي و تحكيم قول الرجال في الشريعة! و بما أنّ الخليفة عثمان بن عفان كان من دعاة الرأي و الاجتهاد على ما صرح هو بذلك لمّا اعترض عليه لإتمامه الصلاة بمنى، فقال: «رأي رأيته»، و قال لعلي عند اعتراضه عليه في نهيه من الإقران بين الحج و العمرة «ذلك رأي» [1] و غيرها.
و قد ثبت لديك أنّ المعارضين لعثمان في الوضوء كانوا من المحدثين، لقوله: (إنّ ناسا يتحدثون)، و بعد هذا فنحن- حسب الأدلة و القرائن- أن يكون الوضوء مما تصرف فيه الرأي و أثر فيه الاجتهاد، حتى تحول مسح الرجلين فيه إلى غسل، و قد مر عليك تعليل الحجّاج لذلك حين قال: ليس لابن آدم أقرب إلى خبثه من قدميه فاغسلوا بطونهما و ظهورهما و عراقيبهما.
فإن هذا النص و غيره من النصوص شاهد على أن مسألة غسل الرجلين اجتهادية محضة، و الا فما كان للحجاج أن يستدل بالرأي لو كان عنده نصا نبويا ثابتا في الغسل.
و قبله الحال بالنسبة لأنس بن مالك فإنه كان لا يرتضي تعليل الحجّاج في الغسل، و يستشهد بالقرآن على كذبه، بقوله «صدق اللّٰه و كذب الحجاج، قال تعالى وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ[2]، و مثله موقف ابن عباس من الربيع و قوله: إنّ الناس أبوا إلا الغسل و لا أجد في كتاب اللّٰه إلّا المسح» [3].
فان في تعليل ابن عباس «أبى الناس إلّا الغسل» و كذا قول الإمام علي «هذا وضوء من لم يحدث»، و قوله «لرأيت أنّ باطن القدم أولى بالمسح من ظاهرها»، دلالات على أنّ الإمام عليا و ابن عباس كانا لا يرتضيان ما رسم للناس من