الداعي لهما الحرص على صون
الروايات عن الخلل، لكن كان عليهما التأمل و عدم التسرع فيه كالتعديل، بل لعل ذلك
موجب للوهن فى تعديلهما لكشف ذلك عن حصول سجية لهما في التساهل و التسامح في
أمورهما من غير فرق بين الجرح و التعديل. و حينئذ فكما لا يعتنى بتضعيفهما و
جرحهما فكذا في تعديلهما لابتناء أمرهما على التسامح و التسرع، و من كان هذه حالته
و ذي سجيته لا يعتنى باقواله.
(قوله
أعلى اللّه مقامه): لكن الكليني قائل به و الأخبار الكثيرة واردة به و وجه بأنها
تثبت من الوحي إلا أن الوحي تابع و مجيز، فتأمل.
لعل
الأمر بالتأمل إشارة إلى دفع ما يقال على هذا الوجه: «بانه مناف لظاهر (و ما ينطق
عن الهوى) إذ هو نطق عنه و لحوق الإجازة لا يخرجه عن ذلك» (بأن يقال): المراد
بالنطق عن الهوى ما كان من محض محبته و ميله و لم تلحقه إجازة و أمر بما رآه
راجحا، أما لو أمر بان يختار ما ترجح بارادته فليس هو من النطق عن الهوى (و بيان
ذلك) في الجملة: أن اللّه سبحانه أكمل عقل نبيه فعرّفه و أطلعه على المصالح و
المفاسد و مقتضيات الأحكام بل و أسبابها قبل نزول الوحي بها، و أن ذلك حصل لهم
ببعض طرقهم من العلم كالنفذ في قلوبهم و هو من طرق للوحي الخفي (و كيف كان) فليس
هو من النطق عن الهوى، لكنه مأمور بالوقوف، و عدم النطق حتى ينزل الوحي ظاهرا
لمصالح هناك لا تحتملها عقول الضعفة من خلقه، كما يفصح عنه توقفه عن صفة الرب و
نعته لمّا سئل: (صف لنا ربك) حتى جاءه الوحي بالتوحيد، مع أنه بمكان من البداهة و
للظهور، و هذا معنى قوله- أعلى اللّه مقامه- إلا أن الوحي