لكن لا كالظن الحاصل لأولئك
المشايخ بل هو بالنسبة اليهم لعله متفاوت جدا شدة و ضعفا من جهة القرب و البعد
لزمن الصدور، و زيادة الاطلاع على الإمارات التي لها دخل في ذلك و قلته، و زيادة
الأسباب و المقتضيات للظن و الاطمئنان و قلتها، الى غير ذلك، و لذا كان الصحيح عند
القدماء و المقبول عندهم هو ذلك أعني ما كان موثوقا به مظنونا بصدوره و لا كذلك في
أزمنة المتأخرين لذهاب الأكثر من تلك القرائن، إذا لم يكن كلها، فلذلك ذهب ذلك
الظن و ذلك الوثوق الذي كان حاصلا لأولئك السابقين، و لذا أحدث العلامة و شيخه ابن
طاووس الاصطلاح الجديد، و هذا هو العذر لهم، و اللّه أعلم.
(قوله
أعلى اللّه مقامه): نعم يتوجه عليهم أن شمول نبأ، الخ.
حاصل
ما يريد أن المكتفين بالظن الحاصل من تعديل المعدلين من مثل ابن عقدة و ابن فضال و
غيرهم ممن ماثلهم في سوء العقيدة، إن كان الوجه فيه منطوق آية النبأ[1]
فهو محل تأمل بل منع، لعدم العموم فيها بحيث يشمل ما نحن فيه، اذ كل من النبأ و
الفاسق فيها نكرة في سياق الإثبات و هو غير عام، بل الغرض منها بيان حكم مورد خاص
كما يقضي به ملاحظة سبب نزول الآية الذي هو إخبار (الوليد) بالردة التي لا يناسبها
الاكتفاء بالظن، بل لابد فيها و في المؤاخذة عليها من العلم، كما هو
[1] آية النبأ: هي الآية السابعة من سورة( الحجرات) و
هي قوله تعالى:« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما
فَعَلْتُمْ نادِمِينَ»( المحقق)