(قوله أعلى اللّه مقامه): و
لعل الروايات عمن لم يكن مؤمنا ثم آمن أخذت حال إيمانه:
لا
يخفى أن مجرد الاحتمال غير كاف، إذ لا يحرز معه شرط القبول و الحجية الذي هو
العدالة، لاحتمال كون التعديل و الاستقامة قبل الرواية، فلا يكون الراوي حال
روايته مستقيما عادلا حتى يجب قبول روايته، أو يكون التعديل و الاستقامة بعد
الرواية، و لم يعلم منه إمضاء ما رواه أولا و الاعتراف بحقيته و صدقه (و قد يقال):
إن غرض المصنف دعوى الظهور و الظن كما ينبىء عنه كلامه فيما بعد، فانه صريح في
ذلك و هو كذلك، فان الظاهر أن المعدلين إنما أرادوا حال الرواية حتى يكون نافعا في
مقام العمل، و قد عرفت أن الظنون الرجالية حجة و معتبرة فيما بينهم، و لكن لا يخفى
أن كون التعديل و المدح و التوثيق ناظرا إلى حال الرواية مسلم لعدم النفع فيما
سواه، و الغرض من التزكية إنما هو النفع لمن يقف عليها، و انما يحصل النفع لو كان
المزكي ناظرا الى حال الرواية لا قبلها و لا بعدها، إلا أن هذا لا يقضي باختصاص
الأخذ من الراوي في حال استقامته دون غيره، بحيث لا يؤخذ من غير المستقيم و غير
المؤمن أصلا سواء أكانت له حالتان، أم كان غير مستقيم مدة حياته، فانه خلاف
المعروف و المعلوم، إذ الطائفة قد عملت بأخبار جملة من المعروفين بالانحراف و سوء
العقيدة كعبد اللّه بن بكير، و سماعة بن مهران، و أمثالهم، بل عدوا بعضهم من أهل
الإجماع، كما صرح به الشيخ الطوسي و غيره في جملة