(قوله أعلى اللّه مقامه): قلت
على تقدير التسليم معلوم أنهم يكتفون بالظن، إلخ.
أراد-
أعلى اللّه مقامه و زاد اكرامه- إنا نمنع:
(أولا)
كون مقتضى دليلهم اعتبار حصول العلم في التبين، بل هو أعم منه و من الموجب لحصول
الظن، إذ التبين هو الظهور، و كما هو يصدق مع العلم فكذا يصدق مع الظن، إذ كل
مظنون راجح و كل راجح فهو ظاهر، فيكون المحصل أنه اذا جاءكم الفاسق فعليكم بتحصيل
ظهور الصدق و لا تعولوا على إخباره بمجرده، بل عليكم البحث و الفحص الى أن يظهر
لكم صدق خبره بحيث يبلغ حدا يعتني به العقلاء و يعولون عليه في أمورهم كما هي
عادتهم، فهو في الحقيقة متضمن للتنبيه على أن حال الشرع في ذلك كغيره نحو خطاباته
و محاوراته المساوية لسائر الناس فكما أن العقلاء يعولون في أمورهم العادية
المتعلقة بهم على الخبر المعروف صدق مخبره، و أنه متحرز عن الكذب، فكذا الشرع
يعوّل في الأخبار المتعلقة باحكامه الكلية التي جاء بها على ما يعوّل عليه
العقلاء، فانه أحدهم بل هو سيدهم، و هذا هو الظاهر، هذا أولا:
(و
ثانيا) لو سلمنا كون مقتضى هذا الدليل اعتبار حصول العلم في التبين لدعوى ظهوره
فيه، و لكن نقول: إن هناك أدلة دالة على كفاية الظن، و هي أمور:
(الأول)
الروايات الكثيرة التي لا يبعد تواترها معنى حقيقة على كفاية كون الراوي متحرزا عن
الكذب و معروف الصدق يجد ذلك من يلاحظها و يتأملها، و قد ذكرناها على كثرتها مع
التعرض لدلالتها