على ما هو المختار من ظنية
الصدور، و أما على التنزيل المذكور- أعني على تسليم كون الأخبار قطعية الصدور، كما
لعله يقضي به ظاهر السياق من حيث أقربية هذا إلى التسليم، فالمراد من الرجحان و
المرجوحية من حيث ظن المطابقة للواقع و عدمها- فهو كذلك أيضا لاختلاف الرواة في
ذلك فقد يحصل من رواية بعضهم، او وجودها في أصله المعروض على الامام- عليه السلام-
مثلا ظن المطابقة للواقع لكونه من الخاصة و البطانة له مع عدم اتصاله بمن يخشى منه
من أهل العناد، و خصوصا بعد معرفة زمانه او بلاده او من يروي عنه من الرواة أو
الائمة- عليهم السلام- فقد يكون زمان تقية او شدتها، الى غير ذلك من الأمور التي
يحصل من ملاحظة بعضها او جميعها ظن المطابقة للواقع او عدمها.
(و
الحاصل) فبملاحظة احوال الرجال يحصل الرجحان و المرجوحية من حيث الصدور و من حيث
المطابقة للواقع و عدمها، و اللّه أعلم.
(قوله
أعلى اللّه مقامه): و لم يجزم بحجية المرجوح.
لا
إشكال و لا ريب في حجية المرجوح في نفسه و مع قطع النظر عن مورد التعارض، حيث يكون
جامعا لشرائط الحجية إلا أنه مع فرض التعارض و وجود ما هو أرجح منه ليس بحجة،
لأخبار التراجيح المعتبرة في نفسها، كالمقبولة[1]
و غيرها، و المعتضدة بالفتوى و العمل، بل و للعقل لقبح ترجيح المرجوح على الراجح،
فتأمل، و لا أقل من الشك في حجية
[1] يشير الى مقبولة عمر بن حنظلة التي رواها الكليني
في باب اختلاف الحديث، و الصدوق ابن بابويه، و الشيخ الطوسي- رحمهم اللّه- في
كتبهما الحديثية، و الطبرسي في الاحتجاج( ج 2- ص 106- ص 107) طبع النجف الاشرف و
المقبولة طويلة و هي معروفة مشهورة بين فقهائنا الإمامية و علمائنا الأعلام، و قد
رواها عمر بن حنظلة عن الصادق- عليه السلام-.( المحقق)