(في فتن) و
الظاهر أنّ المراد بهذه الفتن غير ما سبق أوّلا[1]
إذ النكرة إذا اعيدت كانت غير الاولى، و على تقدير تعلقه بقوله سارت فالمغايرة
أظهر، استعارة و شبّه 7 هذه [الفتن] بأنواع الحيوان فاستعار لها
أخفافا و أظلافا و حوافر و قال (داستهم) أى وطأتهم (بأخفافها، و وطأتهم
بأظلافها، و قامت على سنابكها) أى أطراف حوافرها.
قال الشّارح
البحراني و يحتمل أن يكون هناك إضمار، أى داستهم بأخفاف إبلها و وطأتهم بأظلاف
بقرها و قامت على سنابك خيلها، فحذف المضاف و اقيم المضاف إليه مقامه و حينئذ يكون
التّجوز في نسبة الوطى و الدّوس و القيام إليها فقط و هو المجاز في الاسناد.
و كيف كان (فهم
فيها) أى في هذه الفتن (تائهون) ضالون عن القصد (حايرن) متحيرون في
أن الصّواب في أىّ جهة ما لهم[2] قبلة و لا
دبرة (جاهلون) غير عالمين بالحقّ، مفتونون بالفتن العمياء
الصّماء[3] (في خير
دار) و هو مكّة زادها اللّه شرفا (و شرّ جيران) يعنى قريشا.
قال الشّارح
المعتزلي و هذا لفظ النبيّ 6 حين حكى بالمدينة حالة كانت في
مبدء البعثة، فقال: كنت في خير دار و شرّ جيران (نومهم سهود، و
كحلهم دموع) صفتان للجيران، قال المعتزلي: هو مثل أن يقول جودهم بخل و أمنهم
خوف، أى لو استتمّهم محمّد 6 النّوم لجادوا عليه بالسّهود
عوضا عنه، و لو استجداهم الكحل لكان كحلهم الذي يصلونه به الدّموع (بأرض
عالمها) أى العارف بصدق محمّد 6 و المؤمن به (ملجم) بلجام الخوف
و التّقية (و جاهلها) أى الجاحد لنبوّته و المنكر له (مكرم) بكرامة
العزّ و المكنة.
[2] يقال ماله قبله و لا دبرة اى لا يهتد الى جهة امره، قاموس.
[3] يقال فتنة عمياء صماء اى لا يرى منها مخرجا او المراد بها
صاحبها يقع فيها على غير بصيرة فيعمون فيها و يصمون عن تامل الحق و استماع النصح،
مجمع البحرين.