بهم قوامه و انقراض العاملين الذين لم
يأخذهم في اللّه لومة لائم (و اختلف النّجر) أى الاصل الجامع للخلق و هي الفطرة التي فطر النّاس عليها (و تشتت الأمر) أى تفرق أمر الدين بتفرق
الأهواء و تشتت الآراء (و ضاق)
للخلق بعد تورّطهم في فتن الشّبهات و اقتحامهم في الهلكات
(المخرج) منها (و عمى) عليهم (المصدر) أى
طريق الصّدور عنها و الخلاص منها.
مجاز عقلى-
تشبيه المعقول بالمحسوس و إسناد العمى إلى المصدر من باب المجاز العقلي و الاسناد
إلى المحلّ إذ العمى في الحقيقة صفة البصر و المراد به هنا فقد البصيرة تشبيها
للمعقول بالمحسوس فكما أنّ فاقد البصر لا يهتدى إلى مقاصده المدركة بحسّ البصر
فكذلك انتفاء البصيرة يوجب الضّلالة عن طريق الحقّ و العجز عن الوصول إلى الواقع (فالهدى
خامل) أى أعلام الهداية بينهم حال عماهم عن المصدر ساقطة و مندرسة و أنوار
الدراية منكسفة و منطمسة (و) رين (العمى شامل) عليهم أى غشاوة
الضّلالة محيطة بقلوبهم فهم مشتركون في تورّط الشّبهات مغتمرون في ظلم الجهالات (عصي
الرّحمن) بخمول الهدى (و نصر الشيطان) بشمول العمى و
اتّباع الهوى (و خذل الايمان) بانفصام عروته الوثقى.
(و) لأجل خذلانه
و اضطراب قواعده و أركانه كناية (انهارت دعائمه) و سقطت سواريه (و تنكرت
معالمه) و تغيرت آثاره و دعائم الايمان و معالمه كنايتان عن حملة الدين و
دعاة الحقّ، و انهيارهم كناية عن عدمهم أو عدم قبول قولهم، و تنكرهم إشارة إلى عدم
معرفة الخلق لهم لقلتهم (و درست سبله) و طرقه (و عفت شركه) و جواده فلم
يبق له سبيل يوصل إليه و لا جادّة سالكة اليه، و هذا كله مبالغة في ضعف الايمان و
وهن الدّين (أطاعوا الشيطان) بمخالفة الاوامر و النّواهي و إتيان المعاصي
و المناهي (فسلكوا مسالكه) و اتّبعوا آثاره (و وردوا مناهله) و شربوا من
عيون ضلالته (بهم سارت أعلامه و قام لواؤه) و قوى شوكته و استحكم
خبائله حيث كانوا من جنوده معاونين له شركاء معه ساعين في إطفاء نور الهداية و
إعلاء لواء الضلالة