فكبّر اللّه و هلّله و مجّده، فلذلك جرت
السّنة بالتكبير في استقبال الرّكن الذي فيه الحجر من الصّفا.
و انّ اللّه
عزّ و جلّ أودعه العهد و الميثاق و ألقمه إيّاه دون غيره من الملائكة لأنّ اللّه
عزّ و جلّ لمّا أخذ الميثاق له بالرّبوبية و لمحمّد 6 بالنبوة
و لعليّ 7 بالوصية اصطكت فرايص الملائكة، و أوّل من أسرع إلى الاقرار
بذلك ذلك الملك، و لم يكن فيهم أشدّ حبّا لمحمّد و آل محمّد : منه،
فلذلك اختاره اللّه عزّ و جل من بينهم و ألقمه الميثاق فهو يجيء يوم القيامة و له
لسان ناطق و عين ناظرة يشهد لكل من وافاه الى ذلك المكان و حفظ الميثاق.
أقول: من كان
علمه مقتبسا من نور النّبوة و الوحى الالهي يعلم سرّ استلام الحجر و تقبيله و أنّ
أداء الامانة عنده من جهة اختصاصه بالتّقدم إلى الولاية من بين الملائكة، و يعرف
أنّه يؤدّي الموافاة يوم القيامة و أمّا من أضلّ اللّه و أعمى قلبه فلا يظنه إلّا
حجرا لا يضرّ و لا ينفع.
كما روى
الفخر الرّازي عن عمر بن الخطاب انّه انتهى إلى الحجر الأسود فقال إنّي لأقبّلك و
إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ و لا تنفع و أنّ اللّه ربّي و لولا أنّي رأيت رسول
اللّه 6 يقبّلك ما قبّلتك.
و زاد
الغزالي قال: ثمّ بكى حتّى على نشيجه فالتفت إلى ورائه فرأى عليّا كرم اللّه وجهه
و رضي عنه، فقال: يا أبا الحسن هاهنا تسكب العبرات و تستجاب الدّعوات، فقال عليّ:
بل هو يضرّ و ينفع، قال: و كيف؟ قال إنّ اللّه تعالى لمّا أخذ الميثاق على
الذّريّة كتب عليهم كتابا ثمّ ألقمه هذا الحجر فهو يشهد للمؤمن بالوفا و يشهد على
الكافر بالجحود انتهى.
أقول: كما
يمكن أن يكون قوله: إنّك حجر لا تضرّ و لا تنفع، من باب الجهالة و لا غرو فيها،
لما ستطلع عليه إنشاء اللّه في تضاعيف ذلك الكتاب بجهالاته التي أعظم من هذه، كذلك
يمكن أن يكون من باب التّجاهل باقتضاء خبثه الباطني و نفاقه