الاقرار بذلك الحجر، فلذلك اختار اللّه و
ألقمه الميثاق و هو يجيء يوم القيامة و له لسان ناطق و عين ناظرة يشهد لكلّ من
وافاه إلى ذلك المكان و حفظ الميثاق، و إنّما اخرج الحجر من الجنة ليذكر آدم ما
نسى من العهد و الميثاق انتهى.
و تفصيل ما
ذكره هنا و سنده ما رواه في علل الشّرايع باسناده عن بكير بن أعين، قال: قال لي
أبو عبد اللّه 7: هل تدري ما كان الحجر؟ قال: قلت: لا قال: كان ملكا
عظيما من عظماء الملائكة عند اللّه عزّ و جلّ، فلما أخذ اللّه من الملائكة
الميثاق، كان أوّل من آمن به و أقرّ لذلك ذلك الملك فاتخذه اللّه أمينا على جميع
خلقه فألقمه الميثاق و أودعه عنده و استعبد الخلق أن يجدّدوا عنده في كلّ سنة
الاقرار بالميثاق و العهد الذي أخذه اللّه عليهم، ثمّ جعله اللّه مع آدم في الجنّة
يذكر الميثاق و يجدّد عند الاقرار في كلّ سنة.
فلما عصى آدم
فاخرج من الجنّة أنساه اللّه العهد و الميثاق الذي أخذ اللّه عليه و على ولده
لمحمّد و وصيه صلوات اللّه و سلامه عليهما و جعله باهتا حيرانا، فلما تاب على آدم
حوّل ذلك الملك في صورة ذرّة بيضاء، فرماه من الجنّة إلى آدم و هو بأرض الهند، فلمّا
رآه آنس إليه و هو لا يعرفه بأكثر من أنّه جوهرة، فأنطقه اللّه عزّ و جلّ، فقال:
يا آدم أ تعرفنى؟ قال: لا قال: أجل استحوذ عليك الشّيطان فأنساك ذكر ربّك، و تحوّل
إلى الصّورة التي كان بها في الجنّة مع آدم.
فقال لآدم:
أين العهد و الميثاق؟ فوثب إليه آدم و بكى ذكر الميثاق و بكى و خضع له و قبّله و
جدّد الاقرار بالعهد و الميثاق، ثم حوّل اللّه عزّ و جلّ جوهر الحجر درّة بيضاء
يضيء، فحمله آدم على عاتقه إجلالا له و تعظيما، فكان إذا اعيا حمله جبرئيل 7 حتى وافى به مكّة، فما زال يأنس به بمكة و يجدّد الاقرار له كلّ يوم و
ليلة، ثمّ إنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا أهبط جبرئيل إلى أرضه و بنى الكعبة هبط إلى
ذلك المكان بين الرّكن و المقام و الباب، و في ذلك المكان ترأى لآدم حين أخذ
الميثاق، و في ذلك الموضع القم الملك الميثاق، فبتلك العلّة وضع في ذلك الرّكن و
نحى آدم من مكان البيت إلى الصّفا و حوّا إلى المروة، و جعل الحجر في الرّكن