و منها ما رواه في الكافي عن زيد الشّحام
في حديث قتادة مع أبي جعفر 7 قال: فقال أبو جعفر 7: و يحك
يا قتادة إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت و أهلكت، و إن كنت
إنّما أخذته من الرّجال فقد هلكت و أهلكت إلى أن قال: فقال أبو جعفر 7
ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به.
إذا عرفت ذلك
فنقول: إنّ طائفة من متأخّري أصحابنا و هم الأخباريّون قالوا:
بعدم جواز
استنباط حكم من الأحكام من القرآن و عدم جواز الاستدلال به على شيء من المسائل
إلّا بعد صدور بيانه من الأئمة :، متمسكا بالأخبار المذكورة، و بأدلة
أخرى استدلّوا بها على مذهبهم في محالها، و قد خالفوا في ذلك جميع المجتهدين،
لاتّفاقهم على جواز العمل بمحكمات الكتاب نصّا كان أو ظاهرا و استدلّوا عليه بأدلة
وافية و براهين شافية تعرّضوا لها في علم الاصول، و لا حاجة لنا في المقام إلى
إشباع الكلام في هذه المسألة، و إنّما مقصودنا تحقيق معنى الأخبار المذكورة ليتّضح
المراد بها و يظهر أيضا عدم دلالتها على ما رامه الأخبارية فنقول: إنّ التفسير مأخوذ
من الفسر و هو كشف السّتر عن المستور، يقال:
فسّر الشّيء
فسرا إذا كشف عن غطائه، و قد يقال: إنّه كشف المراد عن اللفظ المشكل، و في
الاوقيانوس انّه في عرف المفسرين مرادف للتّأويل و في المصباح فسّرت الشّيء فسرا
من باب ضرب بيّنته و اوضحته، و عن الصحاح الفسر البيان، و قد فسرت الشيء افسره
بالكسر فسرا و التّفسير مثله.
اذا عرفت هذا
فاعلم انّه إن اريد بالتّفسير المذكور في الأخبار المعنيان الأوّلان، فلا يكون
فيها دلالة على المنع عن العمل بالظواهر و بالنّصوص بطريق اولى، لظهور انّ
التّفسير على المعنيين المذكورين إنّما يكون في الألفاظ التي معانيها خفية مستورة،
و الألفاظ التي معانيها مشكلة كالمجملات و المتشابهات، و لا ريب انّ المعاني
الظاهرة من الألفاظ بنفسها لا سترة عليها حتّى يحتاج إلى الكشف، و لا إشكال فيها
حتّى يحتاج إلى الفسر.