للتشنيع على من سبقه كما لم يتمكن من
إبطال صلاة الضحى، و من إجراء متعتي الحجّ و النّساء، و من عزل شريح عن القضاوة، و
معاوية عن الامارة، و قد صرّح بذلك في رواية الاحتجاج السّابقة في مكالمته 7 مع الزّنديق.
مضافا إلى
اشتمال عدم التّصحيح على مصلحة لا تخفى، و هو أن يتمّ الحجة في يوم القيامة على
المحرّفين المغيّرين من هذه الجهة أيضا بحيث يظهر شناعة فعلهم لجميع أهل المحشر، و
ذلك بأن يصدر الخطاب من مصدر الرّبوبيّة إلى امّة محمّد 6، و
يقال لهم: كيف قرأتم كتابي الذي أنزلته إليكم؟ فيصدر عنهم الجواب، بأنّا قرأناه
كذا و كذا، فيقال لهم: ما أنزلناه هكذا فلم ضيّعتموه و حرّفتموه و نقصتموه؟
فيجيبوا أن
يا ربّنا ما قصّرنا فيه و لا ضيّعناه و لا فرطنا، بل هكذا وصل إلينا.
فيخاطب حملة
الوحى و يقال لهم: أنتم قصّرتم في تبليغ وحيي و أداء أمانتي؟ فيقولوا ربّنا ما فرطنا
في وحيك من شيء و إنّما فرط فيه فلان و فلان بعد مضيّ نبيّهم، فيظهر شناعه فعلهم
و فضاحة عملهم لجميع أهل المحشر و يستحقّوا بذلك الخزى العظيم و العذاب الأليم
مضافا إلى استحقاقهم للنّكال و العقاب بتفريطهم في أمر الرّسالة و تقصيرهم في غصب
الخلافة.
فان قلت: سلّمنا
أنّ عليّا 7 لم يتمكن من تصحيحه و أنّ بقائه على التّحريف كان مشتملا
على المصلحة التي ذكرتها، و لكن بقي هنا شيء و هو أنّ الأئمة لم لم يدفعوا ما
عندهم من الكتاب المنظم المحفوظ السّالم عن التّحريف إلى الامّة و ما كان المانع
لهم من ذلك؟
قلت: السّر
في عدم إظهارهم : له وجوه كثيرة:
منها أنّه لو
أظهر ذلك الكتاب مع بقاء هذا الكتاب المحرّف لوقع الاختلاف بين النّاس و يكون ذلك
سببا لرجوع النّاس إلى كفرهم الأصلي و أعقابهم القهقرى.
و منها أنّ
شوكة النّفاق يومئذ كان أكثر فلو أظهروه لأحدث المنافقون فيه مثل ما أحدثه رئيسهم
قبلهم.