حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ، و حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ
الدَّمُ، وَ أُحِلَّتْ لَكُمْ
بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ و أمثالها ممّا اضيف فيه التحليل و
التّحريم إلى الأعيان[1] فانّ إرادة الحقيقة فيها غير
ممكنة، و المجازات متعدّدة، و اللفظ مجمل بالنّسبة إليها و محتمل لكلّ منها (و مبينا غوامضه) أى معضلاته و مشكلاته.
ثمّ أشار
7 إلى تقسيم الكتاب بنحو آخر بقوله: (بين مأخوذ ميثاق
علمه) أي على كلّ أحد لا يقبل العذر فيه، و ذلك مثل معرفة الصّانع و
توحيده قال تعالى:
وَ إِذْ
أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ
عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى- الآية» (و) بين (موسّع
على العباد في جهله) كالمتشابهات التي جعل علمها مخصوصا بالرّاسخين في العلم،
و غيرهم منها في سعة كما قال:
وَ ما
يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (و بين
مثبت في الكتاب فرضه، و معلوم في السنة نسخه) هذا الكلام نصّ و
صريح في وقوع نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة، فيدلّ على جوازه بطريق أولى، لأنّ
الوقوع أخصّ من الامكان، و هو مذهب أصحابنا رضي اللّه عنهم و المتكلمين من
المعتزلة و الأشاعرة، و إليه ذهب أصحاب أبي حنيفة و مالك، و خالف فيه الشافعي و
أكثر الظاهريّة على المحكى عنهم في النّهاية و الحنبلى في إحدى الرّوايتين عنه، و
المسألة معنونة في الاصول و يشهد بوقوعه قوله:
[1] لا يخفى ان الاية الاولى اعنى قوله ثلثة قروء مثال لما كان
الاجمال من جهة الاشتراك و تعدد المعاني الحقيقية و الايات الاخيرة امثلة لما كان
جهة الاجمال كثرة المعاني المجازية و تردد اللفظ بينها، منه.