الشّجرة، و لا ممّا كان من جنسها فلم
يقربا هذه و إنّما أكلا من غيرها بتدليس ابليس.
و حاصل
الاشكال أن يقال: المشار إليها بهذه إمّا أن تكون شخص الشجرة، و إمّا أن تكون
نوعها، فعلى الأوّل لا يكون أكله من غيرها ممّا هي من نوعها تركا للأولى على
مذهبنا و ذنبا على مذهب غيرنا، فأىّ توبيخ كان من اللّه سبحانه عليه في فعله ذلك،
و على الثّاني كيف يمكن تدليس الشّيطان لهما بقوله: انّما نهيكما ربّكما عن هذه
الشّجرة و ما نهيكما أن تقربا غيرها حسبما ورد في الرّواية مضافا إلى أنّ اللّازم
على اللّه سبحانه نصب القرينة على إرادة النّوع، بأن يقول:
و لا تقربا
هذه الشّجرة و لا غيرها ممّا كان من نوعها، لقبح الاغراء بالجهل و تأخير البيان عن
وقت الحاجة.
و يمكن رفع
الاشكال بأن يقال: إنّ المنهيّ عنه إنّما كان نوع الشّجرة، و كلمة هذه قد يشار بها
إلى الشخص، و قد يشار بها إلى النّوع، فقوله: و لا تقربا هذه الشّجرة، مع عدم نصب
القرينة من قبيل الخطاب بالمجمل لا أنّ الخطاب مجمل بل متعلّق الخطاب أعني المكلّف
به مردّد بين الكلّي و الفرد، و نفس الخطاب أعني التّكليف بالاجتناب معلوم،
فاللّازم على آدم 7 حينئذ هو الاحتياط بالاجتناب عن جميع الأفراد، و قد
دلسه الشّيطان و أوقعه في خلاف الاحتياط المقتضي للاجتناب، و قال له إنّ اللّه حيث
لم ينصب قرينة على ارادة النّوع فقد أباح النّوع إلّا الفرد الخاصّ فأكل من غير
ذلك الفرد و استحقّ التّوبيخ، و هذا ليس من قبيل الاغراء بالجهل، و لا من قبيل
تاخير البيان عن وقت الحاجة، إذ نفس التكليف قد كان معلوما بالعلم التّفصيلي لا
جهالة فيه أصلا، و لا حاجة له إلى البيان غاية الأمر كون المكلف به مجملا مردّدا
بين أمرين و العقل حاكم فيه بوجوب الاحتياط بترك المحتملات، هذا ما نقده الخاطر
القاصر في المقام، و العلم بحقايق الأمور و الأحكام للّه و لاوليائه الكرام عليهم
السّلام.