و فيه أنّ ما ذكره و إن كان مقتضى أصول
المذهب إلّا أنّ تأويل الرّواية به غير ممكن، لأنّ الصغائر بالمعنى الذي ذكره لا
اختصاص لها بما قبل نزول الوحى حسبما ورد في الرّواية، و لا يجب العصمة عنها بعد
النبوة أيضا كما يفهمه قوله 7:
فلمّا اجتبيه
اللّه و جعله نبيّا كان معصوما لا يذنب صغيرة و مثل هذا الاشكال يلوح على رواية
اخرى نظير تلك الرّواية، و هي ما رواه في العيون أيضا باسناده عن أبي الصّلت
الهروى قال لمّا جمع المأمون لعليّ بن موسى الرّضا 8 أهل المقالات من
أهل الاسلام و الدّيانات من اليهود و النّصارى و المجوس و الصّابئين و ساير أهل
المقالات، فلم يقم أحد إلا و قد ألزمه حجّته كأنّه ألقمه حجرا، قام إليه عليّ بن
محمّد بن الجهم، فقال له يابن رسول اللّه: أتقول: بعصمة الأنبياء :؟
قال 7: نعم، قال: فما تقول بقول اللّه:
وَ عَصى
آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى.
إلى أن قال:
فقال الرّضا 7: ويحك يا عليّ اتّق اللّه و لا تنسب إلى أنبياء اللّه
الفواحش و لا تتأوّل كتاب اللّه برأيك فانّ اللّه عزّ و جل قد قال:
وَ ما
يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.
و أمّا قوله
عزّ و جلّ في آدم: و عصى آدم ربه فغوى فانّ اللّه عزّ و جلّ خلق آدم حجّة في أرضه
و خليفة في بلاده، لم يخلقه للجنّة و كانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض و
عصمته يحب أن يكون في الأرض ليتمّ مقادير أمر اللّه، فلمّا اهبط إلى الأرض و جعل
حجّة و خليفة عصم بقوله عزّ و جلّ:
الحديث، و
عسى أن يكون للرّوايتين تأويل عند غيرى و فوق كلّ ذى علم عليم هذا و يلوح على
الرّواية الاولى إشكال آخر و هو أنّه 7 قد ذكر أنّ المشار إليها بقوله
و لا تقربا هذه الشّجرة شجرة الحنطة، و لم يقل لهما: لا تأكلا من هذه