و الأصل فيها قوله تعالى وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا[1].
و اختلف الفريقان في حكم القصر الى قولين:
1- انه واجب تعييني كما عليه الإمامية، بل صار هذا من ضروريات مذهبهم و به قال أبو حنيفة من غيرهم.
2- و قال الشافعي و مالك بالتخيير بينه و بين التمام تمسكا بظاهر قوله:
«فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ إلخ» حيث انه ظاهر في بدأ النظر في جواز التقصير لا في وجوبه.
و الدليل على المختار هو الروايات الواردة عن الأئمة : مثل صحيحة زرارة و محمد بن مسلم حيث سئلا عن ابى جعفر 7 بقولهم:
قلنا لأبي جعفر ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي؟ و كم هي؟ فقال:
ان اللّه عز و جل يقول «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ» فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر.
قالا: قلنا له: قال اللّه عز و جل «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ» و لم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك؟ فقال: أو ليس قال اللّه عز و جل في الصفا و المروة «فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا» الا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض لان اللّه عز و جل ذكره في كتابه و صنعه نبيه و كذلك التقصير في السفر غير شيء صنعه النبي و ذكر اللّه في كتابه [2].
و هذه الرواية و أضرابها كافية في إثبات المطلب و موضحة لهدف الآية، و على فرض عدم دلالتها فالروايات كافية في المقام.