فقصر ، بمنزلة قوله
: إذا خفى الاذان والجدران فقصر. واما : من رفع اليد عن كونه علة منحصرة مع بقائه
على كونه علة تامة ، فيكون الشرط أحدهما تخييرا ، ويكون المثال بمنزلة قوله : إذا
خفى الاذان أو خفى الجدران فقصر ، ويكفي حينئذ أحدهما في ترتب الجزاء ، مع قطع
النظر عن كون خفاء الاذان يحصل قبل خفاء الجدران دائما. وحينئذ لابد من رفع اليد
عن أحد الظهورين ، اما ظهور الشرط في كونه علة تامة ، واما ظهوره في كونه علة
منحصرة. وحيث لم يكن أحد الظهورين أقوى من ظهور الآخر ولا أحدهما حاكما على الآخر
ـ لمكان ان كلا من الظهورين انما يكون بالاطلاق ومقدمات الحكمة ، على ما تقدم ـ
كان اللازم الجري على ما يقتضيه العلم الاجمالي من ورود التقييد على أحد
الاطلاقين.
وربما يتوهم ان ظهور الشرط في كونه علة
تامة أقوى من ظهوره في الانحصار ، لان دلالة القضية على استناد الجزاء إلى الشرط
انما يكون بالنصوصية فلابد ان يكون الشرط في الجملة ولو في مورد مما يستند إليه
الجزاء ، واستناده إليه لايكون الا بان يكون الشرط علة تامة لترتب الجزاء ولو في
مورد ، إذ استناد الشيء إلى جزء العلة ليس استنادا حقيقيا ، بل الاستناد الحقيقي
هو ما يكون إلى تمام العلة. ولو تصرفنا في ظهور الشرط في كونه علة تامة وجعلناه
جزء العلة يلزم ان لا يستند الجزاء إليه ابدا ولو في الجملة ، فظهور القضية في كون
الشرط علة تامة ربما يدعى كونه بالنصوصية ، بخلاف ظهورها في الانحصار ، فإنه
لايكون بتلك المثابة ، بل انما هو بالاطلاق ، فلابد من رفع اليد عن ظهوره في
الانحصار والقول بكفاية أحد الشرطين.
وقد حكى : ان شيخنا الأستاذ مد ظله مال
إلى هذا الوجه في الدورة السابقة ، ولكن عدل عنه في هذه الدورة ، وافسد التوهم
المذكور بما حاصله : ان أصل استناد الجزاء إلى الشرط انما يكون بالاطلاق ، إذ من
اطلاق الشرط وعدم ذكر شيء آخر معه يستفاد الاستناد ، ولولا الاطلاق لما كاد يستفاد
الاستناد ، وهذا لا ينافي ان حقيقة الاستناد انما يكون في استناد الشيء إلى علته
التامة ، فان ذلك بعد الفراغ عن الاستناد وان الجزاء يكون مستندا إلى الشرط ، وهذا
المعنى انما يكون بالاطلاق ،