فظهور القضية في كون
الشرط علة تامة كظهورها في الانحصار ، في أن كلا منهما يكون بالاطلاق.
وتوهم ان تقييد العلية التامة وجعل
الشرط جزء العلة يستلزم تقييد الانحصار أيضا ـ فإنه لا يعقل الانحصار مع كونه جزء
العلة ، وهذا بخلاف تقييد الانحصار ، فإنه لا يلزم منه تقييد العلية التامة ، كما
لا يخفى ، فيدور الامر بين : تقييد واحد ، وتقييدين ، ومعلوم ان الأول أولى ، فلا
بد من تقييد الانحصار ـ فاسد أيضا ، فان تقييد العلة التامة يوجب رفع موضوع الانحصار
، لا انه يوجب تقييدا زايدا ، وهذا نظير ما تقدم في الواجب المشروط : من أن تقييد
الهيئة يوجب رفع موضوع اطلاق المادة ، لا انه يوجب تقييدا زايدا. فراجع ما ذكرناه
في ذلك المقام. [١].
فتحصل : انه لا محيص من اعمال قواعد
العلم الاجمالي في المقام.
وما ربما يتوهم أيضا ، ان رتبة تقييد
العلية التامة مقدمة على رتبة تقييد الانحصار ـ لوضوح ان كون الشيء علة منحصرة أو
غير منحصرة انما يكون بعد كون الشيء علة تامة ، ومقتضى تقدم الرتبة هو ارجاع القيد
إلى العلية التامة وجعل الشرط جزء العلة ـ فهو في غاية الفساد ، فان تقدم الرتبة
لا ينفع بعد العلم الاجمالي بورود التقييد على أحد الاطلاقين ، وليس تقدم الرتبة
موجبا لانحلال هذا العلم الاجمالي ، كما لا يخفى ، فتأمل جيدا.
الامر الرابع :
لو تعدد الشرط واتحد الجزاء
، فهل اللازم تعدد الجزاء وفعله عقيب كل شرط؟ أولا ، بل يكتفى بفعل الجزاء مرة
واحدة. وهذا هو العنوان المعروف بمسألة تداخل الأسباب ، أو تداخل المسببات.
ولتوضيح البحث عن ذلك ينبغي تقديم أمور :
الأول
: في المراد من تداخل الأسباب والمسببات.
اما المراد من تداخل الأسباب : فهو ان
اجتماع الأسباب المتعددة لا يقتضى الا ايجاد جزاء واحد ، بمعنى ان الأسباب التي هي
عند الانفراد تقتضي ايجاد
[١] راجع الامر
الثاني من مباحث الواجب المشروط ص ١٧٨