الابتداء، فكما لا يعتبر في معناه لحاظه في نفسه و مستقلا، كذلك لا يعتبر في معناه لحاظه في غيرها و آلة، و كما لا يكون لحاظه فيه موجبا لجزئيته، فليكن كذلك فيها. إن قلت: على هذا لم يبق فرق بين الاسم و الحرف في المعنى، و لزم كون مثل كلمة «من» و لفظ «الابتداء» مترادفين، صحّ استعمال كلٍّ منهما في موضع الآخر، و هكذا سائر الحروف مع الأسماء الموضوعة لمعانيها، و هو باطل بالضرورة، كما هو واضح. قلت: الفرق بينهما إنما هو في اختصاص كلٍّ منهما بوضع، حيث إنّه وضع الاسم ليراد منه معناه بما هو هو و في نفسه (25)، و الحرف ليراد و إلغاء«»الخصوصيّة، ليكون المأمور به كلّيّا طبيعيّا ممكن الامتثال في الخارج، و هو خروج عن ظاهر اللفظ، بناء على كون اللحاظ داخلا في الموضوع له، و العرف على خلافه، و غير صحيح، بناء على كونه داخلا في المستعمل فيه، كما لا يخفى. (25) قوله: (ليراد منه معناه بما هو هو و في نفسه.). إلى آخره. و هل إرادة المعنى استقلالا في الاسم، و آلة في الحرف، من الأغراض و الدواعي للوضع، أو من شروطه، أو ليس واحدا منهما، بل الوضع قد أنشئ مطلقا لا تقيّد فيه، لا في مقام الداعي و لا بنحو الاشتراط، إلاّ أنّه قد التزم الواضع به بإنشاء جديد، أو من باب الانصراف المتحقّق بكثرة الاستعمال؟ وجوه: لا سبيل إلى الثالث، لبعده و لعدم إمكان تقيّد الالتزام الأوّل بالثاني بعد وقوعه مطلقا، لأنّ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه، فتأمّل. فيدور الأمر بين الأوّلين و الأخير، و قد اختار الأستاذ - قدّس سرّه - الثاني،