و بالجملة: لا يكاد يمكن - في حال استعمال واحد - لحاظه وجها لمعنيين و فانيا في الاثنين، إلاّ أن يكون اللاحظ أحول العينين.
واحد قابل للانطباق على كلّ فرد، فيكون من مصاديق القسم الثاني. و إن كان المصداق المعيّن واقعا المجهول عند المخاطب أو المتكلّم، أو المصداق المردّد، و هو الفرد المنتشر، فهو - أيضا - خارج عنه، بل ليس فيه عموم بنحو الانطباق أيضا. الخامس: أن يراد كلّ من المعنيين بإرادة استعماليّة مستقلّة مثل ما لم يستعمل إلاّ في واحد منهما، و هذا هو محلّ الكلام، و لذا عبّر في «المعالم»«»بما حاصله: أنّ محلّ البحث استعماله فيهما بحيث يكون كل منهما مناطا للحكم، و متعلّقا للنفي و الإثبات. فتأمّل. الثاني: أنّ حقيقة الاستعمال: جعل اللفظ قالبا للمعنى و فانيا فيه، بحيث إذا ألقي فكأنّه ألقي نفس المعنى. و بعبارة أخ رى: هو عبارة عن تصوير المادّة اللفظيّة بصورة معنويّة، نظير تصوير الشمعة بصورة بعد صورة، فيكون حاصله: إيجاد المعنى بوجود لفظيّ قبال إيجاده بوجود كتبيّ أو عينيّ أو ذهنيّ، فجعل اللفظ علامة لمعنى أو معان - نظير نصب الشاخص أمارة للطريق - خارج عن محلّ الكلام. الثالث: أنّ المادّة الواحدة لا تقبل في آن واحد إلاّ صورة واحدة. نعم تقبل المتعدّد على سبيل التعاقب، فإرادة المعنى من اللفظ استعمالا لا تكاد تكون إلاّ واحدة، و إلاّ لزم تصوّر اللفظ بصورتين فصاعدا، و قد عرفت استحالته. فتبيّن أنّ استعمال اللفظ بالمعنى المتقدّم مستحيل عقلا.