responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 195

السّببية و الشرطية من الأمور الوضعيّة عنه واضح لأنّ السّببية صفة قائمة بالسّبب و ليست من الإنشاءات القائمة بنفس المنشي و إن أريد به المحكوم به أي الصّفة الّتي حكم بها الشارع و أخبر بها فخروج الوجوب و الحرمة عنه واضح لأنّهما إنشاءان قائمان بنفس الحاكم و ليسا من الصّفات القائمة بالأفعال نعم ينتزع منهما صفتان أخريان قائمتان بالأفعال و هما كون الفعل مطلوبا بحيث يستحق فاعله الثواب و تاركه العقاب أو منهيّا بحيث يثاب تاركه و يعاقب فاعله و قد يطلق عليهما الوجوب و الحرمة أيضا تسامحا و توسّعا لكنّهما في هذا الإطلاق ليسا من الأحكام الشرعيّة بل من الأمور الانتزاعيّة منها ككون الأمر طالبا و المأمور مطلوبا منه (و الحاصل) أنّه ليس للحكم معنى يتصوّر النّزاع في انحصاره في التكليف و عدمه لأنّه إن فسّرناه بما فسّره به الأشاعرة من الخطاب فلا ريب أنّه لا ينحصر فيما يتعلّق بأفعال المكلّفين على سبيل الاقتضاء و التخيير حتى ينحصر في التكليفية لإمكان كونه غير متعلّق بأفعال المكلّفين أصلا أو كان و لم يكن على وجه الاقتضاء و التخيير بل على وجه الوضع أو غير الوضع من الأمور التوقيفية المتعلّقة بالآخرة و هذا أعني عدم انحصار الحكم بمعنى الخطاب في التكليفية ممّا لم ينكره أحد فإنّ منهم من قال إنّ الخطاب المشتمل على الوضع متعلّق بفعل المكلّف بالالتزام كالمحقق الشريف و المحشي الشيرازي و جمال الدّين الخونساري (رحمه الله) فيدخل في تعريف الغزالي و منهم من زاد في تعريف الحكم بالخطاب قيد أو الوضع بناء على عموم الحكم الشرعي الاصطلاحي للخطابات الوضعيّة و اختصاص التعريف المذكور بما يتعلّق بأفعال المكلّفين صراحة لا التزاما و منهم من قال إنّ الحكم الشرعي لا يطلق اصطلاحا على الخطابات الوضعيّة فلا حاجة إلى ازدياد القيد و جميع هذه الكلمات متفقة على عدم انحصار خطاب اللَّه تعالى في الأحكام الخمسة فلو فسّر الحكم بالخطاب فلا بدّ من تحرير النزاع بوجه آخر و هو أنّ الخطاب المشتمل على الوضع هل يسمّى حكما و الأمر فيه سهل و هو نزاع آخر غير النّزاع المعروف في انحصار الأحكام في الخمسة إذ الظّاهر أنّه نزاع معنويّ لا يرجع إلى محض الاصطلاح و إن فسّرناه بما فسّره به شيخنا البهائي (قدّس سرّه) من الطّلب و التخيير فلا خفاء في انحصاره في التكليفية و لم يقل أحد إنّ الحكم الشرعي بهذا المعنى يعمّ الوضعي فظهر ممّا ذكرنا أن تقسيم الحكم الشرعي إلى التكليفي و الوضعي بناء على كون الحكم غير الخطاب غير صحيح لأنّ صحّة التقسيم فرع تعقّل الجامع و لم نجد في معاني الحكم ما يصلح جامعا بينهما نعم لو قيل إنّ النّزاع في أنّ السّببيّة و الشرطية و نحوهما ممّا يطلق عليه الحكم الشرعيّ مجازا أو بالاشتراك هل هي مجعولة كالخمسة التكليفية أو أنّها أمور منجعلة منتزعة من الخمسة التكليفية سواء تعقّل الجامع فيها أم لا أمكن فحينئذ لا بدّ من بيان معنى الجعل و تحرير ما هو المراد منه في المقام (فنقول) إنّ الجعل في التكوينيّات عبارة عن إيجادها و خلقتها في الخارج و هو تأثير قائم بالجاعل لكن المجعول بهذا الجعل قائم بغيره و ينقسم إلى مجعول بالذّات و إلى مجعول بالتبع كاللّوازم فإنها منجعلة بجعل الملزومات قائمة بها في وجوداتها الخارجية و أمّا في الأحكام فهو عبارة عن الإنشاءات القائمة بنفس الجاعل فجعل الوجوب عبارة عن إنشاء خاصّ متعلّق بفعل المكلّف و إضافة الجعل إليه من قبيل إضافة الشي‌ء إلى نفسه بملاحظة جهتين كإضافة الفعل إلى نحو الضّرب إذ ليس في مقام إيجاب الشّي‌ء إلا إنشاء واحد قائم بنفس الموجب و هو بملاحظة نفسه يسمّى إيجابا و بملاحظة صدوره عن الموجب يسمّى إنشاء و بملاحظة تعلّقه بالفعل يسمّى وجوبا و لو جعل الإضافة بيانية كان أيضا وجها يستراح به عن ملاحظة الجهتين و بما ذكر كلاّ أو جلاّ صرّح المحققون و الأحكام الوضعية على القول بجعلها لا بدّ أن تكون من القسم الأخير بأن تكون عبارة عن إنشاءات خاصّة قائمة بنفس الحاكم و إن لم تكن من سنخ الطّلب لا من قبيل الأول بأن تكون حقيقتها خارجة عن الإنشاء قائمة بغير الحاكم كالبياض القائم بالجسم فإن جميع الموجودات أحكام بهذا المعنى أعني محمولات ثابتة لموضوعاتها بجعل الشّارع إلاّ أن يتجشّم في إخراج سائر الموجودات باعتبار الحيثية في الشارع كما يشعر به ما تقدّم من بعض من تقسيم ما حكم به الشارع إلى تكليف و وضع إذا تحقق ذلك (فاعلم) أن الموجود في غير واحد من العبارات أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة (أحدها) انحصار الحكم الشرعي في التكليف و عدم كون الوضع حكما و نسبه في المنية إلى‌

المشهور و في شرح الوافية إلى رأي المحقّقين و هم بين من يقول باستلزامه للحكم التكليفي و من يقول برجوعه إليه فإنّ معنى سببيّة الدّلوك وجوب الصّلاة عنده (و الثّالث) أنه حكم مجعول شرعيّ في قبال الحكم التكليفي فكلّ من الوضع و التكليف حكم مستقلّ و هو ظاهر الحاجبي و العضدي و المحقّق الشريف و الباغنوي و سيّدنا في المفاتيح و قد بالغ المحقق جمال الدّين حيث عدّ من الأحكام الشرعية نحو قوله تعالى‌ فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ‌ و هذا هو الحق بناء على تفسير الحكم بالخطاب كما تقدّم و أمّا بناء على كون الحكم عبارة عن مدلول الخطابات لا نفسه فالأظهر هو القول الأوّل أعني انحصار مداليل الخطابات الشرعيّة من الأحكام في التكليفية

[الكلام في بيان الحجة على المذهب المختار]

(و الظّاهر) أنّ هذا أمر غير منكر و لم أجد مخالفا فيه إلاّ القائلين بالأحكام الوضعيّة كلامهم مبني على تفسير الحكم بالخطاب و أمّا على غير هذا التفسير فلم أجد مصرحا بشموله للحكم الوضعي غير جماعة من متأخري متأخري أصحابنا المحققين كصاحب المفاتيح و صاحب الإشارات و صاحب المحصول و الفصول و غيرهم فإنّهم مع تفسيرهم للحكم الشرعي بغير الخطاب ذهبوا إلى عمومه للتكليف و الوضع لنا على ما اخترنا أنّك عرفت أنّ الحكم سواء كان من سنخ الطّلب أو من غير سنخه لا بدّ أن‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست