responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 196

يكون قسما من الإنشاء قائما بالحاكم و نحن لا نتعقّل في الخطابات الوضعية مثل قوله الدّلوك سبب لوجوب الصلاة شيئا سوى الإخبار بالسّببية عن الدلوك و شي‌ء منهما أي الإخبار و المخبر به ليس حكما إلاّ نفس الإخبار داخل في الخطاب و في صفات الحاكم و أفعاله و هو حكم بالمعنى المصدري لا العرفي كما اعترف بذلك معظم القائلين بثبوت الأحكام الوضعية حيث قال إنّ نفس الجعل من صفات الحاكم و أفعاله و ليس حكما بالمعنى العرفي بل بالمعنى المصدري و أمّا المخبر به و هي السّببية في المثال المشار إليه فقد صرّح بأنّ الحكم عبارة عنها و عن الشرطية و المانعيّة و ما أشبهها و أنت خبير بفساده لأن السّببية من صفات الدّلوك فكيف يكون حكما قائما بالحاكم نعم هو حكم بمعنى المحكوم به في قضية خبريّة و هو غير منكر فإن أراد أن الأمور الوضعية مفاهيم مغايرة للخمسة المعروفة أخبر بها الشارع عن موضوعاتها الواقعية فهو مسلّم بل عين المدّعى لأنا نعترف بأنّ السّببية و الشرطية من الصّفات القائمة بالأشياء الخارجية مستفادان من الخطابات الشرعية إمّا مطابقة كما إذا ورد الدّلوك سبب لوجوب الصّلاة أو التزاما كما في قوله تعالى‌ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ‌ و إن أراد أنّها أحكام قائمة بالحاكم نظير الخمسة فهو مصادمة للبديهة لأنّ تلك الأمور معقولات ثانوية تتعقل بعد تعقل أحد الأحكام الخمسة في وقت كذا أو حال كذا قائمة بمحالها من الأفعال و الأعيان الخارجية فكيف يدّعى كونها أحكاما شرعية مع أنّ وظيفة الحكم أن يكون قائما بالحاكم و من المتأمّل فيما ذكرنا يظهر فساد ما ذكره الآخرون قال السّيد في المحصول و أمّا الوضعي فهو على أقسام أيضا السّببية و الشرطية و المانعية و الدّلالة و ذلك أن الحاكم قد يجعل الشي‌ء سببا لآخر فيكون حاكما بسببيته و قد يجعله مانعا فيكون حاكما بمانعيّة و قد يجعله شرطا فيكون حاكما بشرطيّته و قد يجعله دليلا فيكون حاكما بدلالته و ذلك كما إذا جعل الزنا و السّرقة سببين موجبين للحدّ بقوله عزّ و جلّ‌ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ و السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ثمّ ساق الكلام إلى أن ذكر لكلّ من هذه الأمور المذكورة مثالا (قلت) إن أراد بجعل الشي‌ء سببا لشي‌ء الحكم و الإذعان بسببيّته له فقد عرفت أن الجعل بهذا المعنى ليس حكما شرعيّا بالمعنى المتنازع فيه و إنّما هو حكم بالمعنى المصدري الخارج عن محلّ النزاع كما اعترف به (قدّس سرّه) في كلامه المتقدّم و إن أراد بالجعل معنى آخر قابلا لأن يكون من سنخ الأحكام فنحن لا نتعقّله فعليه البيان حتّى نتكلّم فيه نعم يحتمل أن يكون مراده ما سنبيّنه في تحقيقنا الآتي فلا كلام ثم إن ما ذكره من المثال غير منطبق على مدّعاه لأنّ قوله تعالى الزانية و الزاني إلى آخره ليس فيه جعل سببيّة بل المجعول هو التكليف بالجلد عند الزّنا نعم ينتزع من هذا المجعول مفهوم السّببية للزّنا كما ينتزع منه مفهوم الطّالبية للَّه تعالى و مفهوم المطلوبيّة للجلد و لو سمّي المفاهيم الانتزاعيّة أحكاما مجعولة فهذا ممّا لا ينبغي أن يتنازع فيه لكنّه يوجب القول بتحقق أحكام كثيرة بل غير متناهية في كلّ خطاب تكليفي متعلّق بفعل المكلّف في زمان أو مكان أو حال أو غير ذلك من الخصوصيّات و يبطل أيضا الحصر المصرح به في كلام جلّ القائلين بالأحكام الوضعية و كذا يبطل الفرق بين الأمور المذكورة و بين سائر الإضافات كالطالبية القائمة بالحاكم و الصّحة و الفساد القائمين بالفعل بحكم العقل و لو فرض التزام بعض بذلك كما صرّح به في كتابه حيث جعل حدود الموضوعات المستنبطة الشرعية من الفقه معللاّ بعدم انحصار الحكم الوضعي في شي‌ء فجلّ القائلين بالحكم الوضعي لا يرون ذلك قال (قدّس سرّه) في شرحه للوافية تعريضا [على‌] للسّيّد الصّدر و أمّا من زعم أن الحكم الوضعي عين الحكم التكليفي على ما هو ظاهر قولهم إن كون الشي‌ء سببا لواجب هو الحكم بوجوب الواجب عند حصول ذلك فبطلانه غنيّ عن البيان إذ الفرق بين الوضع و التكليف ممّا لا يخفى على من له أدنى مسكة و التكاليف المبنية على الوضع غير الوضع و الكلام إنما هو في نفس الوضع و الجعل و التقرير و بالجملة فقول الشارع دلوك الشمس سبب لوجوب الصّلاة و الحيض مانع منها خطاب وضعي و إن استتبع تكليفا و هو إيجاب الصّلاة عند الزوال و تحريمها عند الحيض كما أن قوله تعالى‌ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ‌ و دعي الصّلاة أيّام أقرائك خطاب تكليفي و إن استتبع وضعا و هو كون الدّلوك و الأقراء سببا و مانعا (و الحاصل‌

) أنّ هناك أمرين متباينين كلّ منهما فرد للحكم فلا يغني استتباع أحدهما للآخر عن مراعاته و احتسابه في عداد الأحكام انتهى كلامه رفع مقامه (و أجاب) الأستاذ دام ظلّه عن هذا الكلام بعد نقله بما هذا لفظه (أقول) لو فرض نفسه حاكما بحكم تكليفي و وضعي بالنّسبة إلى عبده لوجد من نفسه صدق ما ذكرنا فإنّه إذا قال لعبده أكرم زيدا إن جاءك فهل يجد المولى من نفسه أنّه إنشاء إنشائين و جعل أمرين أحدهما وجوب إكرام زيد عند مجيئه و الآخر كون مجيئه سببا لوجوب إكرامه و أنّ الثاني مفهوم منتزع من الأوّل لا يحتاج إلى جعل مغاير لجعله و لا إلى بيان مخالف لبيانه و لهذا اشتهر في ألسنة الفقهاء سببيّة الدّلوك و مانعية الحيض و لم يرد من الشارع إلا إنشاء طلب الصّلاة عند الأول و طلب تركها عند الثاني فإن أراد تباينهما مفهوما فهو أظهر من أن يخفى كيف و هما محمولان مختلفا الموضوع و إن أراد كونهما مجعولين بجعلين فالحوالة على الوجدان لا البرهان و كذا لو أراد كونهما مجعولين بجعل واحد فإنّ الوجدان شاهد على أن السّببية و المانعية في المثالين اعتباران منتزعان كالمسببيّة و المشروطية و الممنوعية مع أنّ قول الشّارع دلوك الشمس سبب لوجوب الصّلاة ليس جعلا للإيجاب استتباعا كما ذكره‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست