responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 194

بعد الفراغ عن حدود الدّلالات أشكل عليهم في المجازات حيث يجعلونها من قسم الالتزام و قد أجاد في وجه الإشكال حيث تنبّه إلى بعض ما سبق منّا في ذلك المقام و لكنّه لم يلتفت إلى ما أبدينا في جسمه فقد حفظ شيئا و غابت عنه أشياء أخر و من أراد الاطّلاع على تفاصيل ما ذكره فليراجع إلى كتابه المعروف بالمحصول ثمّ إلى ما أسلفنا يجده مجليا لغشاوة الأوهام و اللّه الهادي (و اعلم) أنّه لا إشكال في أنّ الدّلالات الثلاث كلّها معتبرة حتّى ما كان منها ناشئة من عمل العقل بملاحظة القرائن الحالية أو المقالية أو العقلية لاندراجها تحت الدلالات اللّفظية و لو بوسائط و لم أر فيما زعموا مخالفا و مفصّلا في ذلك سواء سمّينا دلالة الالتزام عقلية كما فعله علماء البيان أو وضعيّة كما صنعه أهل الميزان و سواء بنينا على جواز التعويل على العقل في إثبات الأحكام الشرعية كما عليه جلّ المجتهدين أو لا كما عليه جلّ الأخباريّين لأنّ المختلف فيه إنّما هو التعلّق بالحكم العقلي المستقل و أمّا الحكم الناشئ من توسيط الخطابات الشرعيّة و هو المسمّى [بالاستلزامات‌] بالالتزامات فالظاهر أنّه غير مختلف فيه و معنى اعتبار الدّلالة هو البناء على أنّ مدلولها هو حكم اللَّه الواقعي و العمل عليه في حقّ من قامت عنده الدّلالة ثم إن ثبت الملازمة بين جواز العمل و جواز الفتوى كانت حجّة في الموضعين و إلاّ اقتصر في الاعتماد عليها على الأوّل إلاّ أنّ الظّاهر ثبوت الاتفاق على تلك الملازمة بالقياس إلى نفس الدّلالات فكلّ من يجوز له الفتوى بموجب بعضها جاز له الفتوى بموجب الآخر اتفاقا و هذا الكلام منّا يشبه إيضاح الواضحات ارتكبناه للتنبيه على غفلة من ذهب من اعوجاج الطريقة إلى خلاف ذلك ففصّل و جوّز التقليد إذا كان المجتهد ممّن يفتي بالدّلالات الصّريحة كابن بابويه من القدماء دون من يفتي بموجب الالتزامات الغير البيّنة (أقول) و هذا الكلام مع مخالفته لإجماع كلّ من جوّز التقليد يوجب انسداد باب التقليد رأسا لأنّ المانع عن الرّجوع إلى من يستنبط الحكم الشرعي بالالتزام الغير البيّن ليس إلاّ اتّهامه في حدسه و احتمال خطائه في فهم الملازمة و هذا الاحتمال قائم في التّمييز بين البيّن و غير البيّن و بين الصّريح و غير الصّريح أيضا و حيث يقوم هذا الاحتمال عند المقلّد فليس له ما يرفع به الشك و يميز به الواقع من القوة النظريّة و إلاّ كان مجتهدا فلا بدّ له ترك التقليد رأسا و لو فرض له ظنّ في حقّ بعض المجتهدين بأنّه لا يفتي إلا بالمداليل الصّريحة لم يجز له التعويل على ظنه لأن ظنون المقلّد و كذا ظنّ كلّ منعزل عن طرق الواقع ملغى في نظر الشارع و ظنّي أنّ صاحب هذا التّفصيل أراد موافقة فقهاء حلب و بعض الأخباريين في إنكار شرعيّة التقليد رأسا بلسان آخر محافظة لصورة الكلام عمّا يتناكر عليه علماء عصره من سدّ باب التقليد و انحصار طريق الامتثال بالأحكام الشرعية في العمل بالأخبار بلا واسطة أو بواسطة ترجمتها لفظا و اللَّه الموفق و الهادي هذا بعض الكلام في المبادي اللّغويّة و قد طوينا الكلام عن سائر ما يتعلّق بها من المسائل الباحثة عن الحروف و مواد الألفاظ كشحا لكونها ممّا يعرف حالها من العلوم الأدبية متابعة لجلّ أصحابنا المتأخرين و محافظة للطّريقة المألوفة حيث اقتصروا في هذا العلم على البحث ممّا لم يبحث عنه في علم آخر و أمّا سائر المبادي فالشّأن في المنطقية و الكلامية منها أيضا ما عرفت لأن لكلّ منهما علما مستقلاّ و أمّا الأحكامية فمعظم مسائلها غير مبحوث عنها في علم آخر فينبغي للأصولي أن يتصدّى لها تصدّي التوضيح و التنقيح لكن صاحب المعالم و أكثر المتأخرين عنه عدلوا عن طريقته السّلف فبحثوا عن مهمّاتها في أثناء المقاصد بمناسبة المقام و نحن أيضا نقتفي أثرهم و لا نتخطّى مثالهم كثر اللَّه أمثالهم لأنّ موافقة الجماعة في الطّريق مع اتحاد المقصد أولى من الانفراد في المسلك مضافا إلى ما فيه من مراعاة أنس الأذهان و تسهيل الأمر على مشتغلي الزمان غير أنا نذكر منها في المقام مسألة واحدة غامضة قد طال التشاجر فيها بين المحققين و اللَّه الفياض المستعان‌

بديعة [الكلام في أن الأحكام الشرعية منحصرة بالتكليفية أو منقسمة إليها و إلى الوضعية]

اختلفوا في أن الأحكام الشرعية المجعولة منحصرة في الخمسة التكليفية أو منقسمة إليها و إلى ما يسمّونها بالأحكام الوضعية و رفع غشاوة الأوهام عن وجه المرام يتوقف على كشف الكلام بتمهيد مقدّمة و هي أن الحكم الشرعي في اصطلاح القوم عرف بتعاريف (منها) أنّه خطاب اللَّه المتعلّق بأفعال المكلّفين و منها خطاب الشارع لفائدة شرعية و هذان من الأشاعرة كالغزالي و الآمدي (و منها) ما في الزبدة أعني طلب الشارع الفعل أو الترك أو الترخيص و لا يخفى أنّ شيئا من هذه المعاني غير قابل لجريان النزاع المذكورة فيه (أمّا الأوّلان) أعني الخطاب فلوضوح انقسامه إلى ما يشتمل على التكليف و الوضع فكيف يتوهّم أنّ الحكم بهذا المعنى يختص بالتكليفي و الظّاهر أنّ هذا ممّا لا خلاف فيه نعم يظهر من العضدي و الحاجبي أنّ بعضهم لا يسمّون الخطاب المشتمل على الحكم الوضعي كالسّببية حكما و لكنّه غير مناف لما ادّعينا من الاتفاق إذ الخلاف في التّسمية غير الخلاف في الانقسام من حيث المفهوم (و أمّا الثالث) فأوضح لأنّ الغرض من تعريف الحكم بالطّلب إخراج الوضعية كما صرّح به في الزّبدة فكيف يتوهّم انقسام الحكم بهذا المعنى إلى التكليفي و الوضعي و لعلّه لأجل ما ذكرنا اختار بعض من يعتقد عدم الانحصار تعريفا رابعا جامعا بين القسمين (فقال) إن الحكم في الشرع ما حكم به الشارع في التكليف من وجوب و حرمة و غيرهما و في الوضع من سببيّته و شرطيته و مانعيّته و غيرها (قلت) إن أراد بالموصول الّذي جعله مقسما للتكليف و الوضع الحكم بمعنى الإنشاء القائم بنفس الحاكم على احتمال بعيد مبني على خلط في العبارة فخروج‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست