«إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، فقال: عدل الإمام ان يدفع ما عنده إلى الإمام الّذي بعده و أمر الأئمة ان يحكموا بالعدل و أمر الناس ان يتبعوهم [1] و ليس هذا تفسيرا تعبديا خلاف ظاهر الآية بل هو ظاهرها، لأن الحكومة بين الناس لما كانت في جميع الطوائف شأن الأمراء و السلاطين لا يفهم العرف من الآية إلا كون الخطاب متوجها إليهم لا إلى الرعية الذين ليس لهم أمر و حكم.
و منها مفهوم قوله في المائدة «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» و في آية هُمُ الظَّالِمُونَ، و في ثالثة هُمُ الْفاسِقُونَ[2] دلت بمفهومها على وجوب الحكم بما أنزل اللَّه و إطلاقه شامل للعامي المقلد.
و فيه ان الآيات الكريمة في مقام بيان حرمة الحكم بغير ما أنزل اللَّه و لا يستفاد منها جواز الحكم أو وجوبه لكل أحد، لعدم كونها في مقام البيان من هذه الجهة، و الإنصاف ان لهذه الآيات و غيرها مما استدل بها المحقق صاحب الجواهر (قده) ليس إطلاق يمكن ان يتمسك بها للمطلوب. مضافا إلى انه لو كان لها إطلاق ينصرف إلى من كان صاحب الأمر و الحكم دون غيره.
و منها ما روى الصدوق بسنده عن أحمد بن عائذ، و ليس في طريقه إليه ما يمكن القدح فيه الا الحسن بن علي الوشّاء و قد قال فيه النجاشي: كان من وجوه هذه الطائفة، و قال: كان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة و قد روى عنه الأجلة كابن أبي عمير و أحمد بن محمد بن عيسى و أحمد بن محمد بن خالد و محمد بن عيسى و يعقوب بن يزيد و الحسين بن سعيد و غيرهم، و عن العلامة الحكم بصحة طرق هو فيها، بل قد يقال: انه من مشايخ الإجازة فلا يحتاج إلى التوثيق، و كيف كان فالأقوى وثاقته، و أحمد بن عائذ ثقة روى عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال و قد وثقه النجاشي قائلا انه ثقة ثقة، و وثقه الشيخ في موضع على ما عن العلامة و ان ضعفه في موضع كما عن الفهرست، و الأرجح وثاقته.
قال: قال أبو عبد اللَّه جعفر بن محمد الصادق: إياكم ان يحاكم بعضكم بعضا إلى
[1] الوسائل- كتاب القضاء- الباب 1- من أبواب صفات القاضي الرواية 6-