فاذا بعث المولى مثلا عبده نحو فعل من الأفعال فله إضافات ثلاثة: (اولاها) بالنسبة الى الباعث نفسه، و هذه إضافة حقيقية قائمة بنفس المولى نحو القيام الصدوري. (ثانيتها) الى المبعوث. (ثالثتها) الى المبعوث إليه.
و باعتبار هذه الإضافات يصحّ حمل هذه المحمولات [1] على موضوعاتها [2].
و مناط صدق حملها عليها في الكل أمر واحد، و هو الإضافة القائمة بنفس المولى، فبعين هذه الإضافة الى كل من الفعل و المكلّف يصحّ (على سبيل اللفّ و النشر) حمل المبعوث و المبعوث إليه عليهما، و ليس وراء الإضافة القائمة بنفس المولى [3] شيء آخر قائم- بالفعل و المكلّف- حالّ فيهما. نعم لها نوع تعلّق و إضافة إليهما، و لا يلزم من تعلّقها بهما حلولهما فيهما و عروضهما عليهما، فإنه لا ملازمة بين تعلّق شيء بشيء و بين عروضه عليه و حلوله فيه كما تجده في تعلق القدرة أو الإرادة بشيء مستقلّ، فإنه يصدق عليه أنه مقدور أو مراد مع أنّ القدرة و الإرادة غير عارضتين عليهما، لأنّ المفروض عدم وجودهما و إلّا يلزم وجود العرض قبل وجود معروضه، و هو محال.
فالوجوب و الحرمة المنتزعتين من الفعل المأمور به و المنهيّ عنه باعتبار إضافة البعث القائم بنفس المولى إليهما ليسا عرضين قائمين بمحلّهما و إلّا يلزم بقائهما بعد وجوب الواجب أو الحرام و المفروض أنهما يسقطان بعده.
(فإن قلت:) يمكن عدم الوجوب و الحرمة قبلهما أيضا.
(قلنا:) يلزم حينئذ عدم استحقاق العصاة العقاب و هو باطل قطعا. و بعبارة أوضح: اذا تعلّق الأمر أو النهي بشيء ينتزع منه الواجب أو الحرام فقبل وجوده في الخارج إما أن لا يكون الفعل متّصفا بالوجوب أو يكون متّصفا به، فعلى الأول