و لكن بعد اللتيّا و التي يتعيّن الاشتغال؛ لتماميّة شرط تنجيز التكليف، و هو العلم بتحقّق صغرى الكبرى المعلومة، إلّا أنّه علم مخلوط بالجهالة.
و أيضا: قد مرّ فيما سلف، حكم مورد الشكّ في العامّ الاستغراقيّ و المجموعيّ، كما في حرمة حلق اللحية، و يظهر على هذا حكم الشبهات التحريميّة و الإيجابيّة؛ من تعيّن البراءة.
نعم، في الصورة الأخيرة لا يجوز حلق مجموع اللحية؛ لأنّه إمّا يحرم لكونه من الاستغراقيّ، أو المجموعيّ. كما لا تجري البراءة الشرعيّة بالنسبة إلى الأكثر في العامّ المجموعيّ إلّا بجريانها بالنسبة إلى الكلّ، و حيث لا تجري بالنسبة إليه بالضرورة، لا تجري بالنسبة إلى الأكثر، إلّا على ما هو المختار: من أنّ مفاد البراءة الشرعيّة في كلّ مورد، كمفاد الدليل الاجتهاديّ القائم مثلا فيما نحن فيه على عدم وجوب إكرام الأكثر المشكوك.
و أيضا: مرّ أنّ توهّم كون صرف الوجود مورد الأمر و النهي [1]، غلط؛ لأنّ الوجود ليس وجودا إلّا في محطّ لا يعقل أمر و لا نهي، و الوجود الساري أيضا كذلك، بل الطبيعة إمّا متعلّق الحكم، أو متعلّق المتعلّق، أو يكون فرد الطبيعة متعلّق المتعلّق، كما في إيجاب إكرام زيد، و تحريم شرب كلّ خمر، فاغتنم.
و كون القضيّة النعتيّة على شكل القضيّة المعدولة مورد الأمر- بأن يكون المأمور به أن يكون عادلا، أو لا يكون فاسقا- فهو أيضا يرجع إلى العامّ المجموعي و الأمر الانتزاعيّ، أو إلى المحصّل، و ليس قسما على حدة كما تحرّر في مبحثه [2]، فلا تغفل، و الأمر سهل.