المسبّب عنه صدورا واقعيّا، أو تسامحيّا، أو اعتباريّا، و الكلّ مشترك في الحكم و الأثر، لا يبقى وجه للتخيّل المذكور كما عن بعض أهل الفضل [1].
بقي شيء: في حكم ما لا تصل إليه العقول من الأسباب عند الشكّ
و هو أنّ في مثل الأسباب الواصلة إليها عقول الناس، و غير المتدخّل فيها الشرع، يكون الاشتغال متعيّنا؛ لأنّه يمكن للمكلّف العلم بالسقوط بعد العلم بالثبوت، فيرمى و يحرق حتّى يعلم بحصول قتل سابّ النبيّ (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) و الكتب الضالّة.
و أمّا في مثل ما لا يصل إليه عقول الناس، كالطهارات الثلاث و أمثالها، أو يكون للشرع التدخّل باعتبار جزء فيها أو شرط لها كالمعاملات، فلا يتمكّن المكلّف من العلم بالسقوط بعد العلم بالثبوت؛ لاحتمال دخالة شيء في السبب غير الواصل إليه و غير المنكشف له، فعند ذلك البراءة العقليّة و العقلائيّة و إن لم تكن جارية؛ لكفاية صحّة العقوبة على فرض الإصابة، و سببيّة المقدار الواصل بعد العلم بالأمر و المأمور به على الإطلاق كما عرفت، و لكن البراءة الشرعيّة تجري؛ لعدم تنجّز الواقع في صورة الجهالة بالجزء و الشرط المرفوعين بالحديث؛ و أنّ رفع الجزئيّة و الشرطيّة المجهولتين، لا معنى له إلّا اكتفاء الشرع بسببيّة الأجزاء الاخر، فكما أنّ في الأقلّ و الأكثر برفعهما لا معنى له إلّا الاكتفاء بالباقي؛ لأنّ المرفوع هناك جزئيّة الشيء للمأمور به و شرطيّة المحتمل للمكلّف به، يكون هنا ما هو المرفوع جزئيّة الشيء و شرطيّته للسبب، فلا يكون من الأصل المثبت.
و إن شئت قلت: إذا كانت عدّة أجزاء سببا اعتباريا أو منكشفا بالأدلّة، و شكّ في الجزء الزائد و اضيف إلى ذلك المعلوم قول المعصوم (عليه السلام): «إنّ الجزء الفلانيّ غير دخيل في صورة الشكّ و ظرف الجهالة» يستنتج منه المطلوب.