و اخرى: يكشف الشرع عن السببيّة، كما في الطهارات مثلا، و لذلك قالوا: «إنّ الواجبات الشرعيّة ألطاف في الواجبات العقليّة» [1] فعدّ الحركات و الغسلات أسبابا شرعيّة غلط، إلّا على وجه يأتي في الأسباب و المسبّبات العقلائيّة الراجعة إلى العقليّة بوجه آخر.
و لعمري، إنّ ما هو السبب و مفيض الوجود بتسامح، هي الغسلات و المسحات بالنسبة إلى الآثار المفيضة و النورانيّة القلبية، بخلاف مثل الإحراق و الذبح.
و ثالثة: تكون السببيّة و المسبّبية اعتباريّة، و الاعتباريّات في جميع الجوانب اعتبار الطبيعيّات و التكوينيّات. فإذا كانت المعاملات عند العقلاء سببا فالسببيّة عقليّة؛ لترتّب المسبّب عليها بلا حالة انتظاريّة، و لكن ليس هناك ممرّ الفيض و موجد الوجود الطبيعيّ أو الإلهيّ، بل هناك اعتبار وجود عقب وجود، فكما أنّ أصل السبب اعتبار، و أصل المسبّب اعتبار، أصل التسبّب و الصدور و الممرّيّة اعتبار.
و البحث عن كفاية أحد الاعتبارات عن الآخر و عدمها، أجنبيّ عن هذه المسألة، فدخول العلّامة النائينيّ (رحمه اللَّه) [2] و «التهذيب» [3] في هذه الجهة خروج عن الجهة المبحوث عنها، كما لا يخفى.
و من هنا يظهر: أنّ الإشباع السببيّ مع أنّه ليس إلّا سببا بالمعنى المحرّر في الإحراق و الذبح، ليس أمرا وراء السببيّة العقليّة.
كما يظهر: أنّ الطهور و لو كان اعتبارا كالملكيّة وراء الغسلات، و لكن